قوله تعالى: ( وإذا رأيت الذين يخوضون في آياتنا فأعرض عنهم حتى يخوضوا في حديث غيره )
قال الشيخ الشنقيطي: قوله تعالى ( وإذا رأيت الذين يخوضون في آياتنا فأعرض عنهم حتى يخوضوا في حديث غيره ) .نهى الله تعالى نبيه صلى الله عليه وسلم في هذه الآية الكريمة عن مجالسة الخائضين في آياته ،و لم يبين كيفية خوضهم فيها التي هي سبب منع مجالستهم ،ولم يذكر حكم مجالستهم هنا ،ويبين ذلك كله في موضع آخر فبين أن خوضهم فيها بالكفر والاستهزاء بقوله: ( وقد نزل عليكم في الكتاب أن إذا سمعتم آيات الله يكفر بها ويستهزأ بها فلا تقعدوا معهم )
الآية .وبين أن مجالستهم في وقت خوضهم فيها مثلهم في الإثم بقوله: ( إنكم إذا مثلهم ) ،و بين حكم من جالسهم ناسيا ،ثم تذكر بقوله هنا ( وإما ينسينك الشيطان فلا تقعد بعد الذكرى مع القوم الظالمين ) كما تقدم في سورة النساء .
أخرج الطبري بسنده الحسن عن علي ابن أبي طلحة عن ابن عباس قوله:
( وإذا رأيت الذين يخوضون في آياتنا ) وقوله ( الذين فرقوا دينهم وكانوا شيعا )
و قوله ( ولا تكونوا كالذين تفرقوا واختلفوا من بعد ما جاءهم البينات )
و قوله ( أن أقيموا الدين ولا تتفرقوا فيه ) و نحو هذا من القرآن ،قال: أمر الله المؤمنين بالجماعة ،ونهاهم عن الاختلاف والفرقة ،وأخبرهم أنه إنما هلك من كان قبلهم بالمراء والخصومات في دين الله .
أخرج ابن أبي حاتم بسنده الحسن عن مقاتل بن حيان قوله ( في آياتنا ) يعني بالقرآن .قوله: ( وإذا رأيت الذين يخوضون في آياتنا فأعرض عنهم حتى يخوضوا في حديث غيره ) يقول: قصر عن مجالستهم ولا تسمع حديثهم حتى يخوضوا في حديث غيره .قوله: ( فلا تقعد بعد الذكرى مع القوم الظالمين )
يقول: لا تقعد بعد ما تذكر النهي مع القوم ( الظالمين ) المشركين .