قوله تعالى: ( ولقد جئتمونا فرادى كما خلقناكم أول مرة وتركتم ما خولناكم وراء ظهوركم وما نرى معكم شفعاءكم الذين زعمتم أنهم فيكم شركاء )
قال الشيخ الشنقيطي: قوله تعالى ( ولقد جئتمونا فرادى كما خلقناكم أول مرة وتركتم ما خولناكم وراء ظهوركم وما نرى معكم شفعاءكم الذين زعمتم أنهم فيكم شركاء ) ذكر تعالى في هذه الآية الكريمة أن الكفار يأتون يوم القيامة كل واحد منهم بمفرده ليس معهم شركاؤهم ،وصرح تعالى بأن كل واحد يأتي فردا في قوله: ( وكلهم آتيه يوم القيامة فردا ) ، وقوله في هذه الآية ( كما خلقناكم أول مرة ) أي منفردين لا مال ،ولا أثاث ،ولا رقيق ،ولا خول عندكم ،حفاة عراة غرلا ،أي غير مختونين ( كما بدأنا أول خلق نعيده وعدا علينا إنا كنا فاعلين ) .
قال مسلم: حدثنا هداب بن خالد ،حدثنا همام ،حدثنا قتادة عن مطرف ، عن أبيه ،قال: أتيت النبي صلى الله عليه وسلم وهو يقرأ: ( ألهاكم التكاثر ) .قال: ليقول ابن آدم: مالي .مالي"قال: وهل لك يا ابن آدم ؛من مالك إلا ما أكلت فأفنيت ،أو لبست فأبليت ،أو تصدقت فأمضيت ؟) .
( الصحيح 4/2273ح2958-ك الزهد و الرقائق ) .
أخرج الطبري بسنده الحسن عن السدي ( وتركتم ما خولناكم ) من المال والخدم ( وراء ظهوركم ) في الدنيا .
أخرج الطبري بسنده الحسن عن السدي أما قوله ( وما نرى معكم شفعاءكم الذين زعمتم أنهم فيكم شركاء ) فإن المشركين كانوا يزعمون أنهم كانوا يعبدون الآلهة ،لأنهم شفعاء يشفعون لهم عند الله ،وإن هذه الآلهة شركاء لله .
قوله تعالى ( لقد تقطع بينكم وضل عنكم ما كنتم تزعمون )
قال الشيخ الشنقيطي: قوله تعالى ( لقد تقطع بينكم وضل عنكم ما كنتم تزعمون ) ذكر في هذه الآية الكريمة: أن الأنداد التي كانوا يعبدونها في الدنيا تضل عنهم يوم القيامة ،وينقطع ما كان بينهم من الصلات في الدنيا وأوضح هذا المعنى في آيات كثيرة جدا كقوله ( وإذا حشر الناس كانوا لهم أعداء و كانوا بعبادتهم كافرين ) وقوله ( كلا سيكفرون بعبادتهم ويكونون عليهم ضدا ) وقوله ( إنما تعبدون من دون الله أوثانا مودة بينكم في الحياة الدنيا ثم يوم القيامة يكفر بعضكم ببعض ويلعن بعضكم بعضا ومأواكم النار ومالكم من ناصرين ) .
أخرج آدم بن أبي إياس بسنده الصحيح عن مجاهد ( لقد تقطع بينكم ) ، ( البين ) ، تواصلهم في الدنيا .
أخرج الطبري بسنده الحسن عن علي بن أبي طلحة عن ابن عباس ( لقد تقطع بينكم وضل عنكم ما كنتم تزعمون ) يعني الأرحام والمنازل .