قوله تعالى:{ولقد جئتمونا فرادى كما خلقناكم أول مرة وتركتم ما خولناكم وراء ظهوركم وما نرى معكم شفعاءكم الذين زعمتم أنهم فيكم شركاء} .
ذكر تعالى في هذه الآية الكريمة أن الكفار يأتون يوم القيامة كل واحد منهم بمفرده ليس معهم شركاؤهم ،وصرح تعالى بأن كل واحد يأتي فرداً في قوله:{وَكُلُّهُمْ ءَاتِيهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ فَرْداً} [ مريم: 95] ،وقوله في هذه الآية{كَمَا خَلَقْنَاكُمْ أَوَّلَ مَرَّةٍ} أي منفردين لا مال ،ولا أثاث ،ولا رقيق ،ولا خول عندكم ،حفاة عراة غرلاً ،أي غير مختونين{كَمَا بَدَأْنَآ أَوَّلَ خَلْقٍ نُّعِيدُهُ وَعْداً عَلَيْنَآ إِنَّا كُنَّا فَاعِلِينَ} [ الأنبياء: 104] ،وقد عرفت من الآية أن واحد الفرادى فرد ،ويقال فيه أيضاً: فرد بالتحريك ،ومنه قول نابغة ذبيان:
من وحش وجرة موشي أكارعه *** طاوي المصير كسيف الصيقل الفرد
قوله تعالى:{لَقَد تَّقَطَّعَ بَيْنَكُمْ وَضَلَّ عَنكُم مَّا كُنتُمْ تَزْعُمُونَ} .
ذكر في هذه الآية الكريمة: أن الأنداد التي كانوا يعبدونها في الدنيا تضل عنهم يوم القيامة ،وينقطع ما كان بينهم وبينها من الصلات في الدنيا ،وأوضح هذا المعنى في آيات كثيرة جداً كقوله{وَإِذَا حُشِرَ النَّاسُ كَانُواْ لَهُمْ أَعْدَآءً وَكَانُواْ بِعِبَادَتِهِمْ كَافِرِينَ} [ الأحقاف: 6] ،وقوله{كَلاَّ سَيَكْفُرُونَ بِعِبَادَتِهِمْ وَيَكُونُونَ عَلَيْهِمْ ضِدّاً} [ مريم: 82] ،وقوله{إِنَّمَا اتَّخَذْتُمْ مِّن دُونِ اللَّهِ أَوْثَاناً مَّوَدَّةَ بَيْنِكُمْ فِي الْحَيَواةِ الدُّنْيَا ثُمَّ يَوْمَ الْقِيَامَةِ يَكْفُرُ بَعْضُكُمْ بِبَعْضٍ وَيَلْعَنُ بَعْضُكُمْ بَعْضاً وَمَأْوَاكُمُ النَّارُ وَمَا لَكُمْ مِّن نَّاصِرِينَ} ،وقوله{أَيْنَ مَا كُنتُمْ تَعْبُدُونَ مِن دُونِ اللَّهِ هَلْ يَنصُرُونَكُمْ أَوْ يَنتَصِرُونَ} [ الليل: 92 -93] ،وقوله هنا{وَمَا نَرَى مَعَكُمْ شُفَعَآءَكُمُ الَّذِينَ زَعَمْتُمْ} [ الأنعام: 94] الآية .