قوله تعالى: ( والوزن يومئذ الحق ...)
قال الشيخ الشنقيطي: قوله تعالى ( الوزن يومئذ الحق ) بين تعالى في هذه الآية الكريمة أن وزنه للأعمال يوم القيامة حق أي لا جور فيه ،ولا ظلم ،فلا يزاد في سيئات مسيء ،ولا ينقص من حسنات محسن . وأوضح هذا المعنى في مواضع أخر كقوله ( ونضع الموازين القسط ليوم القيامة فلا تظلم نفس شيئا وإن كان مثقال حبة من خردل أتينا بها وكفى بنا حاسبين )وقوله ( إن الله لا يظلم مثقال ذرة وإن تك حسنة يضاعفها ) الآية إلى غير ذلك من الآيات .
قال ابن ماجة: حدثنا محمد بن يحيى ،ثنا ابن أبي مريم ،ثنا الليث ،حدثني عامر بن يحيى ،عن أبي عبد الرحمن الحبلي؛قال: سمعت عبد الله بن عمرو يقول: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:"يصاح برجل من أمتي ،يوم القيامة ،على رءوس الخلائق .فينشر له تسعة و تسعون سجلا .كل سجل مد البصر .ثم يقول الله عز وجل: هل تنكر من هذا شيئا ؟فيقول: لا .يا رب: فيقول: أظلمتك كتبتي الحافظون ؟ثم يقول: ألك عن ذلك حسنة ؟فيهاب الرجل ،فيقول: لا . فيقول: بلى .إن لك عندنا حسنات .وإنه لا ظلم عليك اليوم .فتخرج له بطاقة فيها: أشهد أن لا إله إلا الله ،وأن محمدا عبده ورسوله ،قال ،فيقول: يا رب! ما هذه البطاقة مع هذه السجلات!فيقول: إنك لا تظلم .فتوضع السجلات في كفة والبطاقة في كفة .فطاشت السجلات ،وثقلت البطاقة ". قال محمد بن يحيى .البطاقة الرقعة .وأهل مصر يقولون للرقعة: بطاقة .
( سنن ابن ماجة 2/1437ح4300 - ك الزهد ،ب ما يرجى من رحمة الله يوم القيامة ) ، وأخرجه الترمذي من طريق ابن المبارك عن الليث ( السنن - ك الإيمان - ب ما جاء فيمن يموت وهو يشهد أن لا إله إلا الله ) .وقال: حسن غريب .ونقل الحافظ ابن كثير الصحيح في كتاب التفسير ، وأخرجه أحمد من طريق ابن المبارك نحوه ( المسند ح6994 ) قال محققه: إسناده صحيح ،وأخرجه الحاكم من طريق يحي بن عبد الله بن بكير عن الليث نحوه و قال: هذا حديث صحيح الإسناد ولم يخرجاه ووافقه الذهبي .( المستدرك 1/529 ) ،ذكره السيوطي في الدر المنثور ( 3/420 ) ،وصححه الألباني في ( صحيح سنن الترمذي ح2127 ) .
أخرج الطبري بسنده الحسن عن السدي قوله: ( والوزن يومئذ الحق ) توزن الأعمال .
قوله تعالى (...فمن ثقلت موازينه فأولئك هم المفلحون .ومن خفت موازينه فأولئك الذين خسروا أنفسهم بما كانوا بآياتنا يظلمون )
قال الشيخ الشنقيطي: قوله تعالى ( فمن ثقلت موازينه فأولئك هم المفلحون ومن خفت موازينه فأولئك الذين خسروا أنفسهم بما كانوا بآياتنا يظمون ) .بين تعالى في هذه الآية الكريمة: أن من ثقلت موازينهم أفلحوا ،ومن خفت موازينهم خسروا بسبب ظلمهم ،ولم يفصل الفلاح والخسران هنا .وقد جاء في بعض المواضع ما يدل على أن المراد بالفلاح هنا كونه في عيشة راضية في الجنة .
وأن المراد بالخسران هنا كونه في الهاوية في النار ،وذلك في قوله ( فأما من ثقلت موازينه فهو في عيشة راضية وأما من خفت موازينه فأمه هاوية وما أدراك ماهية نار حامية ) .وبين أيضا خسران من خفت موازينه بقوله ( ومن خفت موازينه فأولئك الذين خسروا أنفسهم في جهنم خالدون تلفح وجوههم النار وهم فيها كالحون ) إلى غير ذلك من الآيات .