قوله:{ولكل أمة رسول فإذا جاء رسولهم قضى بينهم بالقسط} أي جعل الله لكل أمة خلت من الأمم رسولا يدعو قومه إلى ملة التوحيد ودين الحق ،ويحذرهم من مطاوعة الشيطان وجنده من الإنس والجن ،مثلما بعث الله رسوله محمد صلى الله عليه وسلم إلى العالمين مبلغا ومبشرا ونذيرا{فإذا جاء رسولهم} وذلك في يوم القيامة{قضي بينهم بالقسط} قضى الله بين أمة كل رسول بالعدل ،فينجي الله المصدقين المتقين ،ويهلك المكذبين الجاحدين .
وبذلك تعرض كل أمة على الله بحضرة رسولها وكتاب أعمالها من خير وشر .وهذه الأمة العظيمة الخيرة المباركة ،وإن كانت آخر الأمم زمانا ؛إلا أنها يقضي الله بينهما قبل الأمم يوم القيامة .وفي الخبر مما رواه البخاري ومسلم أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ( نحن الآخرون السابقون يوم القيامة ،المقضي لهم قبل الخلائق ) .
قوله:{وهم لا يظلمون} أي لا يقع على أمة من الأمم يوم القيامة حيف ولا جور فيما يقضيه الله فيها ؛فلا يؤاخذ أحد بغير ذنب ،وإنما يجازي المحسن بإحسانه .والمسيئ إن كان مسلما غير كافر ؛فأمره إلى الله ،إن شاء عذبه وإن شاء غفر له .أما المسيئ من الكافرين الجاحدين ؛فلا جرم أنه في النار مع الخالدين{[1993]} .