قوله تعالى:{وما تكون في شأن وما تتلوا منه من قرآن ولا تعلمون من عمل إلا كنا عليكم شهودا إذ تفيضون فيه وما يعزب عن ربك من مثقال ذرة في الأرض ولا في السماء ولا أصغر من ذلك ولا أكبر إلا في كتاب مبين} ما أداة نفي ،والشأن معناه الأمر أو الحال ،وجمعه الشؤون{[2003]} والخطاب من الله لرسوله صلى الله عليه وسلم ؛أي ما تكون في أمر أو عمل من الأعمال كعبادة أو غيرها{وما تتلوا منه من قرآن} الضمير في ( منه ) يعود على كتاب الله ؛أي: وما تتلو من كتاب الله من قرآن .أو أنه يعود على الشأن .والتقدير: وما تتلو من اجل الشأن من قرأن ؛أي حديث لك شأن فتتلو القرآن من أجله .أو من أجل أن تعلم حكم هذا الشأن{[2004]}{ولا تعلمون من عمل} أيما عمل تعملونه سواء كان خيرا أو شرا{إلا كنا عليكم شهودا إذ تفيضون فيه} الله شهيد على أعمالكم ؛إذ تأخذون فيها .والهاء في قوله:{فيه} عائدة على العمل ؛أي الله شهيد عليكم ؛إذ تأخذون في ذلك العمل ،وهو سبحانه مبصر وعليم بما تفعلون .
قوله:{وما يعزب عن ربك من مثقال ذرة في الأرض ولا في السماء ولا أصغر من ذالك ولا أكبر إلا في كتاب مبين} .
{يعزب} ،أي يغرب أو يخفى{[2005]} .والذرة ،جمعها الذر .وهي صغار النمل{[2006]} .
والمعنى: أنه عالم بالأشياء والكائنات جميعا ؛فما من شيء أو كائن في الأرض أو في السماء إلا وخبره مندرج في علم الله الذي لا تخفى عليه الخوافي ولا تنحجب عنه العلوم والأخبار ؛فهو سبحانه محيط علمه بكل ما في الوجود من أشياء مهما تناهى الواحد منها في الصغر .حتى وإن كان دون الذرة وهي أصغر النمل .وقد عبر بالأرض والسماء ؛لأن الناس لا يرون أو يعون ما في سواهما .فكل شيء في الوجود علمه{في كتاب مبين} وهو اللوح المحفوظ ،وفيه علم الأولين والآخرين إلى يوم الدين .وهو في سعته البالغة ومداه الذي يفوق التصور لا يدركه أو يقف على حقيقته سوى الله{[2007]} .