قوله تعالى:{قال يا قوم أرأيتم إن كنت على بينة من ربي وآتاني رحمة من عنده فعميت عليكم أنلزمكموها وأنتم لها كارهون 28 ويا قوم لا أسألكم عليه مالا إن أجري إلا على الله وما أنا بطارد الذين آمنوا إنهم ملاقوا ربهم ولكني أراكم قوما تجهلون 29 ويا قوم من ينصرني من الله إن طردتم أفلا تذكرون 30 ولا أقول لكم عندي خزائن الله ولا أعلم الغيب ولا أقول إني ملك ولا أقول للذين تزدري أعينكم لن يؤتيهم الله خيرا الله أعلم بما في أنفسهم إني إذا لمن الظالمين} .
ذلك إخبار عن قيل نوح لقومه لما كذبوه وردوا عليه دعوته لهم ؛فقد خاطبهم في لين ورفق وتودد بقوله:{يا قوم} وفي هذا التعبير من رقة الخطاب المحبب إلى القلوب ما لا يخفى .ثم قال لهم: أرأيتم إن كنت على علم ويقين من الله مما جئتكم به وأنه الحق والصواب{وآتاني رحمة من عنده} أي أعطاني ربي منه رحمة كريمة عظيمة وهي النبوة والرسالة والحكمة فصدقتها كامل التصديق ،وأيقنت أنها الحق ،والتزمت موجبها طاعة وإخباتا لله{فعملت عليكم} بضم العين وتشديد الميم المكسورة ؛أي فعماها الله عليكم{أنلزمكموها وأنتم لها كارهون} الاستفهام للإنكار .نلزم ،يتعدى على مفعولين ،المفعول الأول: الكاف والميم .والمفعول الثاني: الهاء والألف .{وأنتم لها كارهون} جملة اسمية في موضع نصب على الحال{[2079]} ،والهاء ترجع إلى الرحمة ؛وهي العلم أو الرسالة أو التوحيد ؛أي: أنضطركم أن تقبلوا هذه الرحمة وأنتم تكرهونها ؟فغنه لا يصح قبولكم لها مع كراهتكم إياها .