كشف الخطأ
فماذا كان جواب نوح ؟
{قَالَ يا قَوْمِ أَرَأَيْتُمْ إِن كُنتُ عَلَى بَيِّنَةٍ مِّن رَّبِّي وَءاتَانِى رَحْمَةً مِّنْ عِندِهِ} ،وهو هنا يناقش ما استبعدوه من فكرة النبوّة للبشر ،ليؤكد أن مثل هذه الأمور لا تخضع لمثل هذه الطريقة في التفكير ،بل تخضع لقيمة الدلائل والبراهين التي يرتكز عليها الرسول ،في ما يقدّمه منها .فهو يقول لهم: هذا ما أريد أن أثيره أمامكم ،فإني أملك من البينات الواضحة على الإيمان برسالتي ما أقتنع به مصدّقاً بأني رسولٌ من الله إليكم ،فقد أعطاني الله البيّنة على ذلك وأتاني رحمة من عنده بما أفاضه عليَّ من موقع الرسالة ،ووضوح الرؤية للأشياء ،الأمر الذي يجعلني في موقع القوّة ،في ما أؤمن به وأدعو إليه ،وما المانع من أن يكون البشر رسولا ،ما دامت مسؤولية الرسول لا تمثل حركةً في الغيب ،بل هي حركةٌ في الواقع ،خاضعة للخصائص التي يملكها العاملون في ساحته ؟!وماذا أفعل لكم إذا كنتم خاضعين للفكرة الخاطئة التي ورثتموها عن آبائكم ،فمنعتكم عن التفكير المستقل الأصيل ،لما يُطرح عليكم من بيّنات وبراهين ؟!{فَعُمِّيَتْ عَلَيْكُمْ} كنتيجة للجوّ الفكري والنفسي الخانق الذي خضعتم له ،فحجب عنكم وضوح الرؤية للأشياء ،{أنلزمكموهَا} ونفرضها عليكم ،إذا لم تفرضوها على أنفسكم من موقع القناعة والإيمان الصادر عن التأمّل والتفكير ،{وَأَنتُمْ لَهَا كَارِهُونَ} مما يُبعدكم عن الانفتاح على الفكر الذي يقدّم إليكم ،بعمق وواقعية وتدبُّر .