قوله تعالى:{أم يقولن افتراه قل إن افتريته فعلى إجرامي وأنا برئ مما تجرمون}{أم} ،بمعنى بل والهمزة و{افتراه} من الافتراء وهو الاختلاق{[2085]} و{إجرامي} ،من الإجرام وهي الجناية ،أجرم: ارتكب جرما ؛وجرم جرما أي ذنب ،واجترم الذنب: أي كسبه أو ارتكبه .
واختلف المفسرون في المراد بهذه الآية ،فقد قيل: إنها حكاية عن تكذيب المشركين لرسول الله صلى الله عليه وسلم ؛إذ قالوا إن هذا القرآن قد افتراه محمد!فأنكر الله مقالتهم بقوله:{أم يقولن افتراه} .
وقيل: الآية تحكي خبر المحاججة بين نوح وقومه ؛إذ قالوا ،إن ما جاءهم به نوح مفترى .قال ابن عباس في ذلك: هو من محاورة نوح لقومه وهذا أظهر القولين ؛لأنه ليس قبل ذلك ولا بعده إلا ذكر نوح وقومه ،فالخطاب منهم ولهم .ثم أمر الله نوحا أن يرد مقالتهم{قل إن افتريته فعلي إجرامي وأنا برئ مما تجرمون} أي قل لهم: إن كان ما أقوله لكم اختلافا مني وتخريصا ؛فعلي إثمي فيما أفتريه على ربي ،ولا تؤاخذون أنتم بذنبي ولا إثمي ،ولست أنا مؤاخذا بذنبكم ؛بل أنا برئ مما تذنبون وتأثمون{[2086]} .