قوله تعالى:{وإلى مدين أخاهم شعيبا قال يا قوم اعبدوا الله ما لكم من إلاه غيره ولا تنقصوا المكيال والميزان إني أراكم بخير وإني أخاف عليكم عذاب يوم محيط} .
مدين هم قوم شعيب ،وسموا بذلك ؛لأنهم بنو مدين بن إبراهيم .وقيل: إن هذا اسم مدينتهم فنسبوا إليها .وهم قبيلة من العرب كانوا يسكنون بين الحاجز والشام قريبا من معان .وهي بلاد تعرف بهم يقال لها: مدين .
فقد أرسل الله إليهم نبيه شعيبا عليه السلام ،وكان من أشرفهم نسبا ،فقال لهم:{يا قوم اعبدوا الله ما لكم من إلاه غيره} أي أقروا الله وحده بالعبودية دون غيره من الأنداد ،وأفردوه وحده بالإلهية دون غيره من الشركاء ،وأذعنوا له بالطاعة والانقياد .
قوله:{ولا تنقصوا المكيال والميزان}{المكيال} ،ما يكال به ،وجمعه: مكاييل{[2157]} .و{الميزان}: الآلة التي توزن بها الأشياء{[2158]} ؛أي تنقصوا الناس حقوقهم في مكيالكم وميزانكم ؛فقد كان أهل مدين فرق إشراكهم وكفرهم وعبادتهم للأوثان ،أهل بخس وتطفيف في المكيال والميزان .فكانوا إذا باعوا أعطوا دون ما يستحقه المشتري .وإذا اشتروا قبضوا أكثر من حقهم ،فهم في الحالين مستزيدون أكثر مما يستحقون .وذلكم ظلم وخيانة وغش .فنهاهم الله عن هذا الخلق الذميم الذي يجر لهم السحت ثم يجرجر في بطونهم النار يوم القيامة .قوله:{إني أراكم بخير} يعني أراكم تنعمون في البحبوحة والسعة وكثرة النعم فلا حاجة لكم إلى البخس في الكيال والميزان .
قوله:{وإني أخاف عليكم عذاب يوم محيط} أي مهلك .وهو من قوله تعالى:{وأحيط بثمره} أي أهلك ،وأصله من إحاطة العدو .والمراد: أن شعيبا خشي على قومه من عذاب الاستئصال في الدنيا ،أو العذاب البئيس في الآخرة{[2159]} .