قوله تعالى:{وَرَاوَدَتْهُ الَّتِي هُوَ فِي بَيْتِهَا عَن نَّفْسِهِ وَغَلَّقَتِ الأَبْوَابَ وَقَالَتْ هَيْتَ لَكَ قَالَ مَعَاذَ اللّهِ إِنَّهُ رَبِّي أَحْسَنَ مَثْوَايَ إِنَّهُ لاَ يُفْلِحُ الظَّالِمُونَ} التي راودته هي امرأة العزيز ،إذ كان يوسف في بيتها ؛فقد بهرها بحسنه وسمته الكريم حتى شغفها حبا ،فراودته عن نفسه ؛أي طلبت منه في تلطف ولين .والمراودة تعني التلطف في الطلب وفيها معنى المخادعة{[2222]} ،فهي بذلك حاولته على نفسه ودعته إليها لما وجدت في قبلها من بالغ المحبة له والتشبث به .فما استطاعت أن تضبط رغبتها وتصطبر ؛بل بادرت إلى مصارحته بما تريد .ولذلك غلقت الأبواب .{وغلقت} ،بالتشديد ،للتكثير ؛لأن الأبواب كانت كثيرة فأغلقتها جميعا{وقالت هيت لك}{هيت} ،اسم فعل أمر بمعنى هلم ،أو أقبل ،أو تعال{[2223]} ،وبذلك دعته في صراحة إلى المواقعة لكنه عليه السلام والسلام أعظم من أن ينزلق إلى هذا المنزلق من الشهوة الراحم .وهو منزل لا ينحدر إليه عباد الله الأبرار ،فكيف برسول كريم عظيم سليل النبوة والطهر والرسالات ،يوسف عليه السلام ؟!وبذلك{قال معاذ}{معاذ} ،منصوب على المصدر .يقال: عاذ يعوذ معاذا وعوذا وعياذا{[2224]} ؛أي لما دعته امرأة العزيز للمواقعة قال لها: أعصتم بالله وأستجير به مما تدعونني إليه{إنه ربي أحسن مثواى} يعني إنه سيدي أحسن منزلتي وأكرمني ؛إذ أوصاك أن تكرمي مثواي فلا أخونه في أهل وبيته .{إنه لا يفلح الظالمون} الظالمون الذين يستبدلون الخبيث بالطيب ،والفاحشة بالطهر ،والفساد بالصلاح ،وكل ذلك ظلم .وما تدعونني غليه خيانة وفحش ؛فهو ظلم ولا يفلح من يقع فيه .