قوله تعالى:{وَقَالَ نِسْوَةٌ فِي الْمَدِينَةِ امْرَأَةُ الْعَزِيزِ تُرَاوِدُ فَتَاهَا عَن نَّفْسِهِ قَدْ شَغَفَهَا حُبًّا إِنَّا لَنَرَاهَا فِي ضَلاَلٍ مُّبِينٍ 30 فَلَمَّا سَمِعَتْ بِمَكْرِهِنَّ أَرْسَلَتْ إِلَيْهِنَّ وَأَعْتَدَتْ لَهُنَّ مُتَّكَأً وَآتَتْ كُلَّ وَاحِدَةٍ مِّنْهُنَّ سِكِّينًا وَقَالَتِ اخْرُجْ عَلَيْهِنَّ فَلَمَّا رَأَيْنَهُ أَكْبَرْنَهُ وَقَطَّعْنَ أَيْدِيَهُنَّ وَقُلْنَ حَاشَ لِلّهِ مَا هَذَا بَشَرًا إِنْ هَذَا إِلاَّ مَلَكٌ كَرِيمٌ 31 قَالَتْ فَذَلِكُنَّ الَّذِي لُمْتُنَّنِي فِيهِ وَلَقَدْ رَاوَدتُّهُ عَن نَّفْسِهِ فَاسَتَعْصَمَ وَلَئِن لَّمْ يَفْعَلْ مَا آمُرُهُ لَيُسْجَنَنَّ وَلَيَكُونًا مِّنَ الصَّاغِرِينَ} شاع خبر هذه القصة في أهل مصر فتحدثت بها النساء حتى قيل:{امْرَأَةُ الْعَزِيزِ تُرَاوِدُ فَتَاهَا عَن نَّفْسِهِ}{[2230]} والفتى الشاب من الناس{[2231]} ،فقد رواته امرأة العزيز عن نفسها ،أي طلبت منه أن يأتيها في تلطف مخادع تحقيقا لشهوتها الفائرة .وليس أكمل ولا أصدق ولا أروع من التعبير القرآني في هذا الصدد{قَدْ شَغَفَهَا حُبًّا} أي بلغ حب يوسف شغفا قلبها ،فغلب عليه واستحوذ عليه أيما استحواذ .وشغاف القلب يعني غلافه ،أو هو الجلد الذي يحيط به كالحجاب{[2232]} أي حب يوسف تحت الشغاف من قبل هذه المرأة .
قوله:{إِنَّا لَنَرَاهَا فِي ضَلاَلٍ مُّبِينٍ} أي إنا لترى امرأة العزيز في صنيعها المستقبح هذا من حبها لفتاها وهو مملوكها وخادمها ،ومراودتها إياه عن نفسه كيما يفعل بها الفاحشة{ضلال مبين} أي في خطأ ظاهر كبير ،وجور مجانب للصواب .