قوله:{قَالُواْ تَاللّهِ لَقَدْ آثَرَكَ اللّهُ عَلَيْنَا} أسقم إخوة يوسف مخاطبين أخاهم يوسف أن الله قد فضله عليهم بما آتاه من خصائص ،منها: إيتاؤه الملك بعد الذي لحقه من الأذى والكيد .ومنها: الصبر على البلاء ؛فقد ألقي في مجاهل الجب حيث الأخطار التي توشك أن تفضي إلى الهلاك ؛ثم بيعه رقيقا ليكابد من كيد النسوة وامرأة العزيز .ومنها: العلم ؛فقد أوتي الحكمة والفطانة والمعرفة في العلوم الإلهية .ومنها: التقوى .
لا جرم أن يوسف يأتي في الأوج من الدرجات العلى ،درجات الأبرار والأطهار من المتقين ؛فهو رسول كريم قد أوتي النبوة وجاءه الوحي من السماء ،ولقد نجا من براثن الكيد العظيم الذي تتداعى تحت إغوائه همم الصناديد من الرجال .لكن يوسف عليه الصلاة والسلام لم تتزعزع إرادته ،وما اضطربت أعصابه ،ولا لانت همته أمام الفتنة الطاغية المغوية من امرأة العزيز ذات المنصب الرفيع وجمال الفاتن .
قوله:{وَإِن كُنَّا لَخَاطِئِينَ}{إن} ،مخففة{[2289]} يعني: إنا كنا لخاطئين ؛أي آثمين .وهو من الخطيئة ،وهي الذنب .أو ما تعمده الإنسان قاصدا الإثم .وهو غير الخطأ .فهو ( الخطأ ) ما لم يتعمد .وفاعل الخطأ الذي يقصد الصواب ولم يوفق له{[2290]} .أما إخوة يوسف فقد أقروا بذنبهم وأنهم كانوا خاطئين ؛أي مذنبين آثمين فيما فعلوه .لكن يوسف كان في غاية الرأفة واللين والشفقة .