قوله تعالى:{وَلَقَدِ اسْتُهْزِىءَ بِرُسُلٍ مِّن قَبْلِكَ فَأَمْلَيْتُ لِلَّذِينَ كَفَرُواْ ثُمَّ أَخَذْتُهُمْ فَكَيْفَ كَانَ عِقَابِ} الله تعالى يسري عن نبيه صلى الله عليه وسلم مما يصيبه من الأسف بسبب جحود قومه وعنادهم وشدة عتوهم فيقول له: إن يستهزئ بك هؤلاء المشركون الضالون فاصبر على أذاهم واستهزائهم ؛فإن لك أسوة في المرسلين من قبلك ؛إذ استهزأ بهم المشركون وسخروا منهم فاصبروا على أذاهم وعتوهم ثم أخذتهم .وهو قوله:{فَأَمْلَيْتُ لِلَّذِينَ كَفَرُواْ} الإملاء بمعنى الإمهال ؛أي أطلت لهم في الإنظار والإمهال ؛وممدت لهم في الأجل{ثُمَّ أَخَذْتُهُمْ} يعني أهلكتهم بالعقاب الوجيع الشديد .لا جرم أن ذلك وعيد شديد من الله لكل المجرمين الناكبين عن صراط الله المستقيم ،الساخرين من منهجه العظيم ،الجاحدون للإسلام ،وذلك بطعنه وإلحاق أيما نقيصة من النقائص به .وفي الصحيحين ان الرسول صلى الله عليه وسلم قال: ( إن الله ليملي للظالم حتى إذا أخذه لم يفتله ) ثم قرأ{وكذلك أخذ ربك إذا أخذ القرى وهي ظالمة إن أخذه أليم شديد} .
قوله:{فَكَيْفَ كَانَ عِقَابِ} الاستفهام للتقريع والتهديد ؛أي فكيف ما أحللته من البلاء والنقم والقوارع بهؤلاء الجاحدين الساخرين من دين الله ؟!