قوله تعالى:{ألم تر إلى الذين بدلوا نعمة الله كفرا وأحلوا قومهم دار البوار ( 28 ) جهنم يصلونها وبئس القرار ( 29 ) وجعلوا لله أندادا ليضلوا عن سبيله قل تمتعوا فإن مصيركم إلى النار ( 30 )} نزلت الآية في مشركي قريش .وقيل: نزلت في المشركين الذين قاتلوا النبي ( ص ) يوم بدر .
والصحيح أنها عامة في جميع المشركين ( الذين بدلوا نعمة الله كفرا ) أي أتتهم نعمة الله وهي الإيمان والإسلام بما تضمنه ذلك من توحيد الله وطاعته وفعل الخيرات والصالحات ،والسير على طريق الله اللاحب المستقيم ،لكنهم بدلوا ذلك كفرا ؛أي كفروا نعمة الله عليهم وهي الإيمان بالله ورسوله وما أنزل إليهم من دين كريم .لقد جحدوا ذلك كله واستعاضوا عنه بالإشراك واختاروا الضلال والباطل بكل صوره ومسمياته الفاسدة .
قوله: ( وأحلوا قومهم دار البوار ) ( قومهم ) مفعول أول .و ( دار البوار ) ،مفعول ثان .( البوار ) ،معناه الهلاك .والبور ،الرجل الفاسد الهالك الذي لا خير فيه .وامرأة بور كذلك .وقوم بور ؛أي هلكى وهو جمع بائر . بار بوارا ؛أي هلك .وأباره الله: أهلكه .والأرض البور ،قبل أن تصلح للزرع{[2397]} .والمراد بدار البوار في الآية ،جهنم .
إذ تبين ذلك بقوله في الآية التالية ( جهنم يصلونها وبئس القرار ) ( جهنم ) ،منصوب على البدل من ( دار البوار ) وهو غير منصرف للتعريف والتأنيث .( يصلونها ) ،جملة فعلية في موضع نصب على الحال{[2397]} .
والمعنى: أن المشركون المضلين قد أنزلوا أتباعهم من قومهم الضالين السفهاء ( دار البوار ) وهي جهنم التي يدخلونها جميعا فتصطلي بلظاها الحارق جسومهم وجلودهم ( وبئس القرار ) أي بئس المستقر جهنم .