قوله: ( وسخر لكم الشمس والقمر دائبين ) ( دائبين ) ،منصوب على الحال من الشمس والقمر .وذلك تغليبا للقمر على الشمس ؛لأن القمر مذكر ،والشمس مؤنثة ،وإذا اجتمع المذكر والمؤنث غلِّب جانب المذكر على جانب المؤنث{[2405]} .وقوله: ( دائبين ) يعني دائمين في الحركة والجريان لا يفتران ،من الدؤوب ،بضم الدال ،والدأب معناه العادة والشأن{[2406]} ؛أي ذلل الله هذين الجرمين الهائلين لمنافع الناس وتحقيق معاشهم وجعلها دائمين في الحركة لا يفتران حتى نزول هذه الدنيا .
قوله: ( وسخر لكم الليل والنهار ) أي جعلهما يتعاقبان لسباتكم ومعاشكم .في الليل يهجع الناس ويرقدون ؛فتستريح أبدانهم وأعصابهم وأذهانهم بعد عناء النهار وما فيه من مكابدة ونصب .
وفي النهار يفيقون من هجعتهم ؛ليبادروا الكد والكدح والبذل والسعي وهم يبتغون من فضل الله ،وليؤدوا ما عليهم من واجبات كعبادة الله وطاعته وأداء حقوق الناس التي في ذممهم كالإنفاق والزكاة وبر الوالدين وصلة الأرحام وإيتاء ذي القربى ،والاضطلاع بوجائب الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ،ودعوة البشرية إلى دين الله وترغبيهم في منهج الله الحق وهو الإسلام .