بعد أن ذكر سبحانه ما سخر في الأرض من اقترانها بالسماء أخذ يبين للإنسان من أجرام السماء فقال:{ وسخر لكم الشمس والقمر دائبين وسخر لكم الليل والنهار ( 33 )} .
الدءوب معناه السير في استمرار ودأب من غير لغوب ، وتلك سنة الله تعالى في أجرام السماء ، فهي تسير في دأب يعلم الله تعالى سيرها ، وناموسها وسننها من غير إبطاء ، والشمس والقمر يسيران ويتحركان في دأب مستمر{ والشمس تجري لمستقر لها ذلك تقدير العزيز العليم ( 38 ) والقمر قدرناه منازل حتى عاد كالعرجون القديم ( 39 )} [ يس] .
وهي مسخرة يستفيد الإنسان من حركتها ، فالشمس ذات الضياء والأشعة التي تمد الزرع والشجر والثمار بالنمو ، والإنسان بالدفء والحرارة والأشعة ، وكل ما فيه حياة الإنسان ، والقمر يمده بما تنتظم به الحياة في الإنسان والحيوان ، وحسبك أن تعلم أن طمث المرأة وحملها وجهازها مرتبط بمنازل القمر ، وأن تعلم أم المد والجزر مرتبطان أيضا بالقمر ، وإن ارتباط الشمس بالأرض كان منهما الليل والنهار ، فالأرض في دورانها يحجب عنها ضوء الشمس فيكون الليل وينبسط عليها ضوء الشمس فيكون النهار ، وفي الليل الهدأة والسكون والثبات والراحة ، والاستجمام ، وفي النهار تكون الحركة والسعي للرزق كما قال تعالى:{ وجعلنا الليل لباسا ( 10 ) وجعلنا النهار معاشا ( 11 )} [ النبأ] .