قوله:{لعمرك إنهم لفي سكرتهم يعمهون} العمر والعمر ،أي بفتح العين وضمها .وهما بمعنى واحد وهو الحياة .عمر الرجل عمرا ؛أي عاشا زمانا طويلا .ولم يستعمل في القسم إلا المفتوح منهما .فنقول: لعمر الله .فاللام لتوكيد الابتداء والخبر محذوف تقديره: لعمر الله قسمي .أو لعمر الله ما أقسم به{[2472]} ،والله تعالى بقول لنبيه محمد ( ص ): وحياتك يا محمد إن قومك من قريش ( لفي سكرتهم يعمهون ) أي في حيرتهم وغوايتهم يتيهون ويترددون .
وبذلك أقسم الله بحياة نبيه محمد ( ص ) .لاجرم أن هذا تشريف عظيم وتقدير بالغ من الله لرسوله ؛إذ كرمه خير تكريم بأن أقسم حياته الكريمة الفضلى .قال ابن عباس في ذلك: ما خلق الله وما ذرأ وما برأ نفسا أكرم عليه من محمد ( ص ) .وما سمعت الله أقسم بحياة أحد إلا بحياة محمد ( ص ) قال: وحياتك يا محمد وعمرك وبقائك في الدنيا ( إنهم لفي سكرتهم يعمهون ) .وقد أجمع المفسرون على أن الله تعالى قد أقسم ههنا بحياة محمد ( ص ) تشريفا له أن قومه من قريش في ( سكرتهم يعمهون ) أي في حيرتهم يترددون .
ويستفاد من الآية كراهة الحلف بغير الله .كأن يحلف المرء بنفسه أو بعمره أو حياته ؛فإن ذلك منهي عنه أو محظور .وفي الخبر:"من كان حالفا فلا يحلف إلا بالله "{[2473]} .