قوله تعالى: ( فاصدع بما تؤمر واعرض عن المشركين ( 94 ) إنا كفيناك المستهزئين ( 95 ) الذين يجعلون مع الله إلها آخر فسوف يعلمون ( 96 )} ( فاصدع ) ،من الصدع وهو الشق .وتصدع القوم: إذ انشقوا أو تفرقوا ،وصدع بالحق: تكلم به جهارا ،والمراد هنا: أظهر دينك ،أو فرق بين الحق والباطل بإظهار ما تؤمر به .وما ،في قوله: ( بما ) تحتمل وجهين .احدهما: أن تكون ما ،اسما موصولا بمعنى الذي .والتقدير: فاصدع بالذي تؤمر به .وثانيهما: أن تكون ما ،مصدرية .والتقدير: فاصدع بالأمر{[2486]} .
وذلك أمر من الله لنبيه ( ص ) بتبليغ رسالته للناس جهارا دون استخفاء ؛فقد قالوا: ما زال النبي ( ص ) مستخفيا حتى نزلت هذه الآية التي يأمر الله فيها بإبلاغ ما بعثه الله به والصدع به مجاهرة وظهورا .ويقتضي ذلك مواجهة المشركين علانية بالقرآن وما فيه للناس من رسالة التوحيد وإخلاص العبودية لله دون سواه ،وما حمله أيضا من شرائع وأحكام تسوق البشرية إلى النجاة والسلامة والخير في الدنيا والآخرة .
قوله: ( واعرض عن المشركين ) أي بلغ قومك ما أرسلت به إليهم ،ولا تلتفت إلى المشركين الذين يصدون عن دين الله ،واكفف عن قتالهم وحربهم .ثم نسخ ذلك بآيات القتال كقوله: ( فاقتلوا المشركين حيث وجدتموهم ) .