قوله:{خلق الإنسان من نطفة فإذا هو خصيم مبين} نزلت هذه الآية في أبي بن خلف الجمحي حين جاء بعظم رميم إلى رسول الله ( ص ) فقال: يا محمد أترى الله يحيي هذا بعد ما قد رمَّ{[2493]} .النطفة في اللغة بمعنى الماء الصافي قل أو كثر .وبمعنى القطرة .والمني وهو ماء الرجل ،والجمع أنطاف{[2494]} والخصيم ،شديد الخصومة والمجادلة .
والمعنى المراد: أن الله يمتن على الإنسان أن خلقه من نطفة قذرة من الماء المستقذر المهين ليمر في مراحل وأطوار مقدورة شتى ،ما بين نطفة وعلقة ومضغة في داخل الرحم حتى إذا اندلق إلى الدنيا طفلا رضيعا تقلب في مراحل نشوئه من طور إلى طور ،ما بين الرضاعة وطفولة وفتوة وشباب واكتهال وكبر ثم ارتداد إلى أرذل العمر .وما ينهض الإنسان قويا مكتملا في قدراته واستعدادته وتطوره حتى ينقلب إلى مخاصم لله في قدرته وعظمته .فيجترئ على ربه بالخصومة الشديدة في توقح ظاهر وكفران شديد مستبين بعد أن خلقه من ماء مستقذر بالغ المهانة{[2495]} .