هذا هو الخلق العام ، والإنسان نفسه فيه إثبات قدرة الله بديع السموات والأرض ومبدع الإنسان ؛ ولذا قال تعالى:{ خلق الإنسان من نطفة فإذا هو خصيم مبين ( 4 )} .
وهو الماء الذي يخرج من بين الصلب الذي قالت آية أخرى:{. . .من ماء مهين ( 8 )} [ السجدة] ، وقوله تعالى:{ فإذا هو خصيم مبين} يشير إلى الأدوار التي مر بها من طين فنطفة ، فعلقة ، فمضغة ، كما قال تعالى:{ ولقد خلقنا الإنسان من سلالة من طين ( 12 ) ثم جعلناه نطفة في قرار مكين ( 13 ) ثم خلقنا النطفة علقة فخلقنا العلقة مضغة فخلقنا المضغة عظاما فكسونا العظام لحما ثم أنشأناه خلقا آخر فتبارك الله أحسن الخالقين ( 14 )} [ المؤمنون] هذه أدوار الإنسان ، وهو جنين لم يحرج إلى ظاهر الوجود ، وإذا خرج إلى ظاهر الوجود كان معه السمع والأبصار والأفئدة ، حتى تكون فيه كل قوى الإنسان من لسان وعينين وأذنين .
هذه الأدوار كلها يشير إليها قوله تعالى:{ فإذا هو خصيم مبين} ، الخصيم الناطق المجادل الذي يحسن إدارة القول وتحويره وتحويله كعمرو بن العاص الذي كان معروفا بالحيلة في القول ، حتى إن عمر الفاروق رأى رجلا لا يكاد يبين ، فقال سبحان الله خالق لسان هذا هو خالق لسان عمرو بن العاص .
و ( الفاء ) و ( إذا ) يدلان على المفاجأة ، والمفاجأة مع هذه الأدوار المتدرجة بأمر الله وتقديره للدلالة على التفاوت البين بين ماء مهين ، وخصيم مبين ، سبحان من كون وأنشأ ، وهدى وعلم .