قوله تعالى:{وقل لعبادي يقولوا التي هي أحسن إن الشيطان ينزغ بينهم إن الشيطان كان للإنسان عدوا مبينا} يأمر الله عباده المؤمنين بحسن المحاورة والخطاب فيما بينهم .وخليق بالمؤمنين في محادثاتهم ومجادلاتهم أن يتخاطبوا بالكلمة الطيبة ،وأن يتجلى فيهم الأسلوب الأحسن .فما ينبغي أن يحدث بعضهم بعضا بالغليظ من الكلام والبذيّ من اللسان لما في ذلك من تنفير للقلوب وشحنها بالكراهية والاضطغان بدلا من الوئام والمودة والتحنان .
والإنسان بطبعه تؤزّه فظاظة الحديث وبذاءة اللسان .فما يتلقى الإنسان من خصمه فاحش القول حتى يستشيط كراهية ونفورا وامتعضا .وذلك يفضي في الغالب إلى اشتداد الخصام والشقاق بين المسلمين ،وتدمير الأخوة والعلائق الودية فيما بينهم .وهذا ما يبتغيه الشيطان للعباد .وهو قوله سبحانه: ( إن الشيطان ينزغ بينهم إن الشيطان كان للإنسان عدوا مبينا ) ( ينزغ ) بمعنى يفسد{[2698]} ؛فالشيطان كائن شرير ،قد جبل على الشقاوة والشر ،وهو عدو لآدم وذريته .وهو بطبعه يركم في أعماقه الحقد والضغينة والرغبة المستديمة في الانتقام من البشر بإيرادهم موارد الشر والمكاره والخسران .فما من فرصة أو فسحة إلا ويتدسس من خلالها الشيطان من أجل الوقيعة بين الناس ؛فقد روى الإمام أحمد عن أبي هريرة ( رضي الله عنه ) قال: قال رسول الله ( ص ):"لا يشيرن أحدكم إلى أخيه بالسلاح ؛فإنه لا يدري أحدكم لعل الشيطان أن ينزغ في يده فيقع في حفرة من النار ".