قوله: ( إن أحسنتم أحسنتم لأنفسكم وإن أسأتم فلها ) أي إن أحسنتم بطاعة ربكم وإصلاحكم أمركم والتزامكم ما شرعه الله لكم ؛فإن خير ذلك عائد إليكم في الدنيا والآخرة .أما في الدنيا: فإن الله يدرأ عنكم الشرور والبلايا ويفتح عليكم أبواب الخيرات والبركات .وفي الآخرة: يكتب الله لكم النجاة والفوز بالجنات ( وإن أسأتم فلها ) إن عصيتم ربكم وأبيتم إلا العتو والضلال والتخريب والفساد في الأرض فما تسيئون بذلك إلا لأنفسكم ؛لأن في ذلك إغضابا لربكم فيعاقبكم بتسليط أعدائكم عليكم ليقتلوكم ويذلوكم جزاء من ربكم وفاقا .
قوله: ( فإذا جاء وعد الآخرة ليسوؤوا وجوهكم وليدخلوا المسجد كما دخلوه أول مرة ) إذا جاء وعد المرة الثانية من إفساد بني إسرائيل في الأرض ،ليسوء عبادنا أولو البأس وجوههم ؛إذ يجعلون آثار المساءلة والكآبة والسواد بادية على وجوههم لما يحيق بهم من معاودة السبي والقتل والإذلال على أيدي عبادنا الذين نبعثهم في عقابهم ( وليدخلوا المسجد كما دخلوه أول مرة ) أي ليدخلوا بيت المقدس مثل دخولهم فيه المرة الأولى ( وليتبروا ما علوا تتبيرا ) ( ما ) ،مصدرية ظرفية زمانية .والتقدير: وليتبروا مدة علوهم{[2642]} .تبر الشيء تبرا ؛إذا هلك .وتبره ؛أي أهلكه .وكل شيء جعلته مكسرا مفتتا فقد تبرته .والتبار ،بالفتح معناه الهلاك .وتبّره تتبيرا ؛أي كسّره وأهلكه{[2643]} .والمعنى: أنهم يدخلون المسجد ليدمروه ويخربوه أيما تدمير وتخريب ،ما ظهروا عليه ،أو مدة علوهم وعتوهم وظهورهم بقيادة قيصر ملك الروم ،وقيل: بقيادة ملك بابل .