يقول عز من قائل:
{ إن أحسنتم أحسنتم لأنفسكم وإن أسأتم فلها فإذا جاء وعد الآخرة ليسوؤوا وجوهكم وليدخلوا المسجد كما دخلوه أول مرة وليتبروا ما علوا تتبيرا ( 7 )} .
الخطاب للمسلمين ، حثا لهم على أن ينفضوا عن أنفسهم غبار الذل والعار{ إن أحسنتم أحسنتم لأنفسكم} ، لأنه يزيل العار ويجلب الفخار ، والإحسان إجادة العمل ، والاستعداد لإخراج الأشرار من المسجد وتطهيره من طغاة أهل الأرض ورفع المذلة عن أهله وإعادة مسرى النبي صلى الله عليه وسلم إلى المؤمنين .
{ وإن أسأتم فلها} ، وإن أسأتم فمغبة الإساءة عليكم ، وقال سبحانه:( لكم ) ، ولم يقل عليكم ؛ للإشارة إلى تمام التبعة ، فكأنهم الذين اجتلبوها لأنفسهم كأنهم طلبوها وأرادوها ، بكسلهم وفساد نفوسهم ، وتفرق أمرهم وتركهم المعاني الإسلامية مفرطين في أمرها ، بل مفرطين في أنفسكم لأنه لا قوة لكم إلا بها .
والفاء في قوله:{ فإذا جاء وعد الآخرة} ، بعد قوله{ وإن أسأتم فلها} فاء الترتيب والتعقيب . والمعنى "فإذا جاء وعد الآخرة بعد أن أسأتم ، ليسوءوا وجوهكم"( ليسوءوا ):متعلق بفعل محذوف تقديره جاءوا أي جاءوا ليسوءوا وجوهكم ، وعبر بالوجوه لأن تبدو عليه مظاهر السوء والكآبة والحزن ، ومعالم العار والخزي من أتباع محمد الذين يدينون بدين العزة والكرامة ، والبعد عن الذل والمهانة ، وليدخلوا المسجد كما دخلوه ، أي ليدخلوه بعد أن أخرجوا منه ، إذ أخرجهم الرومان ، وأخرجهم المؤمنون فكان من عهد عمر لأهل إيلياء ألا يدخل عليهم اليهود ، وقد دخلوه أول مرة حتى أفسدوا فيه ، فأخرجهم منه على أيدي النصارى والمسلمون ،{ وليتبروا ما علوا تتبيرا} التتبير:التخريب ، أي مدة علوهم وغلبهم يخربون كل قائم ، ويحرقون ويدمرون مدة علوهم وبقائهم في أرض الله المقدسة ، ما بقوا فيها .