قوله:{واتقوا يوما لا تجزى نفس عن نفس شيئا ولا يقبل منها عدل ولا تنفعها شفاعة ولا هم ينصرون} أصل التقوى من الوقاية وهي الحماية .والمقصود من ذلك هو أن يتخذ المؤمنون من الأعمال الصالحة واجتناب المناهي والمحظورات ما يقيهم أهوال اليوم المشهود وهو يوم القيامة حيث الشدائد والنوائب .فإن في ذلك اليوم لا يملك أحد أن يقدم لأحد أي جزاء كأن يزحزح عنه شيئا من عذاب أو يؤتيه شيئا من ثواب .
وفي هذا اليوم العصيب لا يقبل من أحد إلا ما قدمه من عمل خالصا لوجه الله الكريم .وإذا لم يكن للمرء يومئذ عمل كان في سجله مسطورا ،فإنه لا ينفعه شيء ولا يدرأ عنه العذاب فداء أو شفاعة ،فلا الفداء من مال أو غيره ،ولا الشفاعة من أحد الشافعين ينجي المفرط الخاسر بمثقال قطمير ،ويومئذ يخسر المبطلون والفساق ويحسون مرارة الحسرة والهوان ،وهم إذ ذاك يلتفتون من حولهم في وجوم وحيرة وشخوص ويتشبثون في إياس مطلق بمن ينصرهم وينقذهم وليس من مجير أو نصير .