قوله تعالى:{يا بني إسرائيل اذكروا نعمتي التي أنعمت عليكم وأني فضلتكم على العالمين واتقوا يوما لا تجزي نفس عن نفس شيئا ولا يقبل منها عدل ولا تنفعها شفاعة ولا هم ينصرون} يذكر الله بني إسرائيل بأنعُمِه الكثيرة التي أنعمها عليهم بما لم يُنعم مثله على أمه من الأمم ،وذلك هو المراد بالتفضيل على العالمين .فهو ليس تفضيلا أخرويا فيكونوا خيرا من غيرهم من الشعوب والأمم ،أو ينالوا بذلك خطورة التفضيل التي لم تتيسر لسواهم .ليس المقصود ذلك ،ولكن المقصود أن الله جلت قدرته قد امتن عليهم من الخيرات والعطايا ،وأٍبغ عليهم أثواب العفو والإحسان في هذه الدنيا ،ودفع عن كواهلهم غوائل الأذى والشر والعداوة ،وكتب لهم من المعجزات ما لم يؤته غيرهم من الناس .وذلك هو التفضيل .
أما أن يفضلوا على غيرهم من حيث التكريم والاعتبار تحت تصور موهوم بأنهم خلق مفضل متميز ،أو أنهم شعب الله المختار ،فإن ذلك لا يستند إلى شيء من دليل أو منطق إلا الهوى الجامح والتعصب الممجوج وهو تعصب للذات والعرق تنبذه أديان السماء نبذا