قوله:{وأوصى بها إبراهيم بنيه ويعقوب}: ( إبراهيم ) فاعل مرفوع .( بنيه ) مفعول به منصوب ( ويعقوب ) الواو للعطف ،يعقوب معطوف على إبراهيم .فقد وصى إبراهيم بنيه بملة التوحيد أو الكلمة ،وكذلك وصى بها يعقوب بنيه .وقيل أن يعقوب معطوف على بنيه ليكون المعنى بذلك أن إبراهيم وصى بنيه ووصى يعقوب ( بها ) ويعود الضمير في قوله بها على الملة التي اتبعها إبراهيم وهي الحنيفية أو التوحيد ،وقيل: يعود على الكلمة التي هي قوله:{أسلمت لرب العالمين} وذلك أرجح .
قوله:{يا بني إن الله اصطفى لكم الدين فلا تموتن إلا وأنتم مسلمون} هكذا أوصى كل من إبراهيم ويعقوب بنيه .أوصاهم باتباع الملة الحنيفية السمحة والالتزام بدين الله الذي ارتضاه واصطفاه لهم .وبناء على ذلك وصى كل منهم بنيه بخير وصية ،وهي ألا يموتوا إلا وهم مسلمون .وفي ذلك تنبيه لهم بدوام الاستقامة والالتزام بشرع الله ،فلا يميلوا أو ينحرفوا ؛لأن المرء إنما يبعث يوم القيامة على هيئته في آخر حياته .فإن كانت هيئته وحاله على معصية الله بعث يوم القيامة مع العصاة والفساق .وإن كانت هيئته وحاله على طاعة الله بعث مع الأخيار والفائزين ؛ومن أجل ذلك يوصي إبراهيم ويعقوب بينهم أن يكونوا في حياتهم على صراط الله المستقيم ،وأن يحافظوا على الملة وما تقتضيه من الأوامر والتكليفات ،وأن يحاذروا المعاصي والمحرمات باستمرار ؛كيلا يفجأهم الموت وهم على حال من الفسق عن أمر الله فيبعثوا فاسقين .