ولم يقتصر على نفسه في إسلامه هذا ،بل وصَّى بها بنيه ،لأنَّ الإسلام هو الذي اصطفاه اللّه للنّاس ،فلا بُدَّ لهم من أن يحيوا بالإسلام ويموتوا وهم يحملون كلمته ...وحملها يعقوبحفيد إبراهيموصيّةً يختم بها حياته ،فلم يقف في اللحظات الأخيرة منها ليتحدّث عن شؤونه الحياتية في ما يخلّفه لهم من إرثٍ مالي ،كما يتحدّث النّاس إلى وَرَثَتِهم في ذلك عندما يفكرون بالوصية إليهم ،بل وقف ليطمئنّ على انسجامهم مع الخطّ العبادي المتمثّل في هذا الإسلام للّه .
{ وَوَصَّى بِهَآ إِبْرَاهِيمُ بَنِيهِ وَيَعْقُوبُ}فقد انطلقت هذه التجربة في حياة الجد في حديثه مع بنيه وفي حياة الحفيد في وصيته لأولاده ،في دلالة على أنَّ الرسالة كانت كلّ اهتماماتهما الروحية ،فلم يكتفيا بالجهاد في سبيلها في حياتهما ،بل انطلقا ليدفعا بها للاستمرار في الجيل الجديد بعد وفاتهما ،لأنَّ الوصية تعبّر في مضمونها عن القلق النفسي الذي يشعر به الإنسان تجاه ما أوصى به ومن أوصى له .
{ يَا بَنيَّ إِنَّ اللّه اصْطَفَى لَكُمُ الدِّينَ}واختاره منهجاً للنجاة في الحياة ووسيلةً للسعادة في الآخرة من خلال برامجه التي تكفل لكم العيش الرغيد والسلامة المريحة ،وانفتاحه على معرفة اللّه وطاعته للوصول إلى رضوانه ،وذلك من قاعدة واحدة ؛وهي إسلام القلب والوجه والحياة كلّها للّه ،ليلتقي الإسلام بمعنى العبودية الحقّة الخاضعة للألوهية المطلقة ،فليكن هذا الدِّينالإسلامهو الخطّ المستقيم الذي تتحرّكون فيه في كلّ حياتكم ،فلا تنحرفوا عنه ،أو تتركوه إلى غيره ،مهما اشتدت الضغوط واهتزت الأرض من تحت أقدامكم وتنوّعت الإغراءات حتى نهاية حياتكم ،{ فَلاَ تَمُوتُنَّ إَلاَّ وَأَنتُم مُّسْلِمُونَ}لتلتقوا باللّه على خطّ الإسلام عندما يقوم النّاس لربّ العالمين .