{ ووصى بها} أي بالملة أو الخصلة التي ذكرت أخيرا{ إبراهيم بنيه ويعقوب} بنيه أيضا ، إذ قال كل منهما لولده{ يا بنيّ إن الله اصطفى لكم الدين} أي اختاره لكم بهدايتكم إليه وجعل الوحي فيكم{ فلا تموتن إلا وأنتم مسلمون} أي فحافظوا على الإسلام لله والإخلاص في الانقياد إليه بحيث لا تتركوا ذلك لحظة واحدة لئلا تموتوا فيها فتموتوا غير مسلمين ، فإن الإنسان لا يضمن حياته بين الشهيق والزفير .ويتضمن هذا النهي إرشاد من كان منحرفا عن الإسلام إلى عدم اليأس ، وأن يبادر بالرجوع إليه واعتصام بحبله لئلا يموت على غبره .
وفي هذه الآية انتقال إلى إشراك أهل الكتاب وغيرهم من العالمين مع العرب في التذكير والإرشاد إلى الإسلام ولذلك ذكرت وصية يعقوب ، واختلف الأسلوب ، فقد كان جاريا على طريقة الإيجاز ، فانتقل إلى طريقة الإطناب والإلحاح ، لما تقدم الإلماع إليه من مراعاة الأولى في خطاب العرب والثانية في خطاب أهل الكتاب ، الذين لا يكتفون بالإشارة والعبارة المختصرة لجمود أذهانهم واعتيادهم على التأويل والتحريف .وفصل بين العاطف والمعطوف بالمفعول ولم يقل:ووصى بها إبراهيم ويعقوب بنيهما ، لئلا يتوهم أن الوصية كانت منهما في وقت واحد أو أنها خاصة بأبنائهما معا وهم أولاد يعقوب على نحو ما تقدم في تفسير{ ومن ذريتنا أمة مسلمة لك} .