قوله: ( ولا تقولوا لمن يقتل في سبيل الله أموات بل أحياء ولكن لا تشعرون ) .
قوله: ( أموات بل أحياء ) أموات وأحياء ،مرفوعان ؛لأن كل واحد منهما خبر لمبتدأ محذوف .والتقدير: هو أموات ،بل هم أحياء{[163]} ينهى لله عن تصور الموت لمن يقتل في سبيل الله شهيدا .فإن الشهادة عظيمة الأمر والقدر .وإن الشهداء صنف مميز من الناس الذين كتب الله لهم الرفيع من الدرجات ،ليجيئوا في المنزلة بعد النبيين والصديقين وحسن أولئك رفيقا .
وفي هذه الآية برهان على أن الشهداء باقون أحياء ،وأنهم لا يموتون ،كقوله تعالى في آية أخرى: ( ولا تحسبن الذين قتلوا في سبيل الله أمواتا بل أحياء عند ربهم يرزقون ) فهم دائمو الحياة بعد مقتلهم ،وذلك على كيفية لا نعلمها نحن .وما نجاوز في العلم غير هذا الحد الذي بينته الآية هنا .وهو أن الذين يقتلون في سبيل الله أحياء غير أموات .أما تفصيل ذلك وبيان كيفيته فما أحاطنا القرآن من علم ذلك شيئا .فقال سبحانه: ( ولكن لا تشعرون ) لا ندري كيف يظلون أحياء .وفي صورة أو كيفية .وما نوع الحياة التي جعلت لهم بعد الفوز بالشهادة ،فهل هي حياة كحياتنا في هذه الدنيا ،أم هي حياة من جنس آخر ؟.