وقوله: ( وقاتلوا في سبيل الله ) الخطاب موجّه لأمة محمد ( ص ) ،فقد كلف الله المسلمين من هذه الأمة بفريضة الجهاد ،وأمرهم ألا يترددوا أو يجبنوا أو يتوانوا ،فإن شيئا من ذلك لا يدفع عن النفس الموت ،ولا يؤخر عنها الأجل الموعود .وفي ذلك يقول الله في آية أخرى: ( أينما تكونوا يدرككم الموت ولو كنتم في بروج مشيدة ) .وعلى المؤمن الواثق المستيقن أن يعلم أن الأجل محدود ،وأنه لا يغني حذر من قدر .ومن أعظم ما يذكر في هذا الصدد ما ورد عن فارس الفرسان وأشجع الشجعان سيف الله المسلول خالد بن الوليد- رضي الله عنه- لما حضرته الوفاة قال وهو على فراش الموت قولته المشهورة: لقد شهدت كذا وكذا موقفا ،وما من عضو من أعضائي إلا وفيه رمية أو ضربة أو طعنة ،وها أنا أموت على فراشي كما يموت البعير فلا نامت أعين الجبناء .
قوله: ( واعلموا أن الله سميع عليم ) فلا تتذرعوا عن القتال بأية ذريعة فإن الله سامع ما تصطنعونه من احتجاج واهٍ أو ذريعة مزعومة ،وهو سبحانه عليم بما تخفيه صدوركم من جنوح عن فريضة الجهاد ،ومن رغبة للقعود عنها .