قوله تعالى:{أفلم يهد لهم كم أهلكنا قبلهم من القرون يمشون في مساكنهم إن في ذلك لآيات لأولي النهى ( 128 ) ولولا كلمة سبقت من ربك لكان لزاما وأجل مسمى ( 129 ) فاصبر على ما يقولون وسبح بحمد ربك قبل طلوع الشمس وقبل غروبها ومن آنائي الليل فسبح وأطراف النهار لعلك ترضى ( 130 )} .
فاعل ( يهد ) هو المصدر .وتقديره: أو لم يهد لهم الهدى أو الأمر .و ( كم ) ،في موضع نصب مفعول مقدم للفعل .( أهلكنا ) وتقديره: كم قرية أهلكنا{[3006]} .
والمراد في الآية أهل مكة .والمعنى: أفلم يتبين لهؤلاء المشركين خبر الذين أهلكهم الله من الأمم السابقة الخاوية كقوم عاد وثمود وقوم لوط ؛فهم يمشون في مساكنهم حال سفرهم وترحالهم فيعاينون آثار هلاكهم وتدميرهم .أفلا يخشون أن يحل بهم من العذاب والهلاك ما حل بأولئك الغابرين .
قوله: ( إن في ذلك لآيات لأولي النهى ) ( النهى ) ،جمع ومفرده النّهية وهي العقل ؛لأنها تنهى عن القبيح{[3007]} يعني: فيما حصل لأولئك الغابرين الهلكى أوضح الدلائل والعبر لأولي العقول ،إذا تدبروا واعتبروا وعلموا أن سبب استئصال أولئك الهلكى هو كفرهم وعصيانهم .وذلك كيما يتعظوا ويزدجروا .