{أفلم يهد لهم كم أهلكنا قبلهم من القرون يمشون في مساكنهم إنّ في ذلك لآية لأولي النُّهى ( 128 ) ولولا كلمة سبقت من ربّك لكان لزاما وأجل مسمى ( 129 ) فاصبر على ما يقولون وسبّح بحمد ربّك قبل طلوع الشمس وقبل غروبها ومن آناء الليل فسبّح وأطراف النهار لعلّك ترضى ( 130 ) ولا تمدّن عينيك إلى ما متّعنا به أزواجا منهم زهرة الحياة الدنيا لنفتنهم فيه ورزق ربّك خير وأبقى ( 131 ) وأمر أهلك بالصلاة واصطبر عليها لا نسألك رزقا نحن نرزقك والعاقبة للتقوى ( 132 )}
المفردات:
أفلم يهد لهم: أفلم يتبين لهم العبر ؟!
لأولي النُهى: لذوي العقول الراجحة .
/م128
التفسير:
128-{أفلم يهد لهم كم أهلكنا قبلهم من القرون يمشون في مناسكهم إنّ في ذلك لآيات لأولي النُهَى} .
أرسل الله رسلا كثيرين إلى كثير من الأمم ، ولما كذبت هذه الأمم رسلها واستكبرت وأصمت آذانها عن سماع الحق ، ولم يبق فيها أمل للإيمان ؛أهلك الله هذه الأمم ،فغرق قوم نوح بالطوفان ،وهلكت ثمود في شمال الجزيرة ،وهلكت عاد في جنوب الجزيرة ،وأُغرق فرعون في ماء النيل ؛هؤلاء المكذبون كثيرون ،كانوا ينعمون ويتمتّعون ،ثم يكفرون بالله ،فأهلكهم الله ،وليس هذا الهلاك بعيدا عن أي كافر ،فكيف لا يهتدون ولا يفكرون ؛في مصير هذه الأمم السابقة ؛وأن الله سبحانه يمكن أن ينزل بأهل مكة ،ما أنزله بالأمم ،والآية مبدوءة بالاستفهام الإنكاري .
والمعنى: أجهلوا فلم يهتدوا ويعرفوا حال الأمم السابقة المكذبة ؛كيف أهلك الله هؤلاء حال كونهم مطمئنين يمشون في مساكنهم ،فباغتهم العذاب .
ويمكن أن يكون المعنى: أن هؤلاء المشركين من أهل مكة يمرون على قرى ثمود وعاد وأصحاب الأيكة ،وغيرهم من الأمم البائدة ،ويشاهدون آثارهم ودورهم كيف هلكت وبادت ولم يبق بها أثر ؛أفلا يهتدون بحال هذه الأمم الهالكة ،وهم يمشون في مساكنهم ؛ويمرّون عليهم في أسفارهم إلى الشمال وإلى الجنوب .
{إنّ ذلك لآيات لأولي النُهى} .
في هذه الأمور عظة وعبرة لأصحاب العقول حتى ينتهوا عن غيهم ،ويهتدوا إلى رشدهم .