قوله:{اذهب إلى فرعون إنه طغى} أمره ربه أن يذهب إلى فرعون مبلغا وناصحا وهاديا ،فقد طغى ؛أي أفرط في العصيان والاستكبار ومجاوزة الحد ؛إذ خرج عن حد العبودية إلى دعوى الربوبية .وهذه مغالاة فظيعة وإفراط بالغ في النكر لا يبلغه إلا الأخسرون من رؤوس الشياطين في هذه الدنيا من أمثال الطاغية فرعون .
عندئذ أحس موسى بثقل الوجيبة الهائلة التي أنيطت به .وهي أمانة التبليغ لدعوة الله وإيصالها لهذا الشقي الكنود ،المغالي في الجحود والكفران .فدعا ربه أن يشرح له صدره ؛أي يجعله واسعا فيحتمل المشاق ورديء الأخلاق من هذا الظالم المتجبر .ودعا ربه أيضا أن يفتح ما بلسانه من عجمة أو رتة في الكلام كانت فيه من الجمرة التي وضعها على لسانه في صباه .وذلك لما أخذ موسى لحية فرعون ولطمه بشدة وهو صغير ،فأراد فرعون أن يقتله ،فقالت له امرأته الصالحة الفضلى آسيا: إنه صغير لا يعقل فأتت بطستين ،في أحدهما جمر ،وفي الآخر جوهر .فأخذ جبريل بيد موسى فوضعها على النار حتى رفع جمرة منها فوضعها في فيه على لسانه فكانت هذه الرتة{[2953]}