وفي ذلك من تسليتهما وتثبيتهما ما لا يخفى قوله:{فآتياه فقولا إنا رسولا ربك فأرسل معنا بني إسرائيل} أمرهما ربهما أن يأتيا فرعون فيبلغاه أنهما مرسلان إليه من الله ،وأن يقولا له:{فأرسل معنا بني إسرائيل ولا نعذبهم} أي خل عنهم وأطلقهم من الأسر والإستعباد{ولا نعذبهم} فقد كان فرعون يسوم بني إسرائيل العذاب ؛إذ كان يذبح أبناءهم و يستحيي نساءهم و يستعملهم للسخرة والشقاء ،ويكلفهم من العمل في الطين و بناء المدائن ما لا يطاق .
قوله:{قد جئناك بآية من ربك} أي جئناك بدلالة أو برهان على صدق ما نقوله و ندعوك إليه .ولما سألهم فرعون عن هذه الدلالة أراهم موسى العصا و اليد ؛إذ صارت العصا حية عظيمة تسعى .وخرجت يده من جيبه بيضاء تتلألأ لسطوع شعاعها وضوئها .
قوله:{والسلام على من اتبع الهدى} أي من اتبع هدى الله وسار على طريقه المستقيم سلم من عذاب الله في الدارين .دار الدنيا حيث البلاء والهلاك جزاء المعصية والجحد .ثم دار الآخرة حيث العذاب الواصب الذي لا ينقطع ؛إذ الخلود في النار وبئس القرار .