( فأتياه فقولا إنا رسولا ربك ) ، قد تقدم في حديث "الفتون "عن ابن عباس أنه قال:مكثا على بابه حينا لا يؤذن لهما ، ثم أذن لهما بعد حجاب شديد .
وذكر محمد بن إسحاق بن يسار:أن موسى وأخاه هارون خرجا ، فوقفا بباب فرعون يلتمسان الإذن عليه وهما يقولان:إنا رسل رب العالمين ، فآذنوا بنا هذا الرجل ، فمكثا فيما بلغني سنتين يغدوان ويروحان ، لا يعلم بهما ولا يجترئ أحد على أن يخبره بشأنهما ، حتى دخل عليه بطال له يلاعبه ويضحكه ، فقال له:أيها الملك ، إن على بابك رجلا يقول قولا عجيبا ، يزعم أن له إلها غيرك أرسله إليك . قال:ببابي ؟ قال:نعم . قال:أدخلوه ، فدخل ومعه أخوه هارون وفي يده عصاه ، فلما وقف على فرعون قال:إني رسول رب العالمين . فعرفه فرعون .
وذكر السدي أنه لما قدم بلاد مصر ، ضاف أمه وأخاه وهما لا يعرفانه ، وكان طعامهما ليلتئذ الطعثلل وهو اللفت ، ثم عرفاه وسلما عليه ، فقال له موسى:يا هارون ، إن ربي قد أمرني أن آتي هذا الرجل فرعون فأدعوه إلى الله ، وأمر أن تعاونني . قال:افعل ما أمرك ربك . فذهبا ، وكان ذلك ليلا فضرب موسى باب القصر بعصاه ، فسمع فرعون فغضب وقال من يجترئ على هذا الصنيع ؟ فأخبره السدنة والبوابون بأن هاهنا رجلا مجنونا يقول:إنه رسول الله . فقال:علي به . فلما وقفا بين يديه قالا وقال لهما ما ذكر الله في كتابه .
وقوله:( قد جئناك بآية من ربك ) أي:بدلالة ومعجزة من ربك ، ( والسلام على من اتبع الهدى ) أي:والسلام عليك إن اتبعت الهدى .
ولهذا لما كتب رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى هرقل عظيم الروم كتابا ، كان أوله:"بسم الله الرحمن الرحيم ، من محمد رسول الله إلى هرقل عظيم الروم سلام على من اتبع الهدى . أما بعد ، فإني أدعوك بدعاية الإسلام فأسلم تسلم يؤتك الله أجرك مرتين ".
وكذلك لما كتب مسيلمة إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم كتابا ، صورته:"من مسيلمة رسول الله إلى محمد رسول الله ، سلام عليك . أما بعد ، فإني قد أشركت في الأمر معك ، فلك المدر ولي الوبر ، ولكن قريش قوم يعتدون ". فكتب إليه رسول الله صلى الله عليه وسلم:"من محمد رسول الله إلى مسيلمة الكذاب ، سلام على من اتبع الهدى ، أما بعد ، فإن الأرض لله يورثها من يشاء من عباده والعاقبة للمتقين ".
ولهذا قال موسى وهارون ، عليهما السلام ، لفرعون:( والسلام على من اتبع الهدى)