( لاهية قلوبهم ) أي يستمعون وقلوبهم ذاهلة عنه ،مشغولة بزينة الحياة الدنيا وزهرتها الفانية الغرورة .
هكذا البشرية في غالبها ،لاهية تمام اللهو عن تدبر هذا الكتاب المعجز الحكيم .غافلة تمام الغفلة عن وعيه وإدراك ما حواه من جليل القيم والمبادئ وقواعد الحق والعدل ،وحميد الخصال والخلال .والقرآن بسوره المختلفة ،وآياته المثيرة ،وأسلوبه المذهب ،وروعته التي ملكت القلوب والألباب .هذا القرآن بكل ظواهره من الكمال والجمال ،يتلى في غالب الآناء ومختلف المجالات والأحوال ،لكن الناس يستمعون إليهم وهم غافلون لاهون ،مشدودون للدنيا وما حوته من إغراءات وشهوات وفتن .
قوله: ( وأسروا النجوى الذين ظلموا ) ( الذين ) ،في موضع رفع على البدل من واو الجماعة في قوله: ( وأسروا ) وقيل: خبر لمبتدأ محذوف وتقديره: هم الذين ظلموا .وقيل: فاعل أسروا .وذلك على لغة من قال: أكلوني البراغيث: وقيل: في موضع جر على أنه نعت للناس{[3016]} والمعنى: أن الذين ظلموا وهم المشركون- تناجوا فيما بينهم بالتكذيب قائلين خفية: ( هل هذا إلا بشر مثلكم ) يعنون بهذا رسول الله ( ص )؛أي هل هذا الذي يدعوكم إلى دينه ورسالته التي جاء بها إلا بشر مثلكم لا يتميز عنكم بشيء .فهو يفعل ما تفعلون ،إذا يأكل الطعام ،ويمشي في الأسواق .
قوله: ( أفتأتون السحر وأنتم تبصرون ) قالوا على سبيل الإنكار التوبيخي: أتجيئون إلى محمد وتتبعونه وأنتم تعلمون أن ما جاء به سحر ،أو تتبعونه وأنتم تعلمون أنه إنسان مثلكم{[3017]} .