قوله تعالى:{ومن الناس من يعبد الله على حرف فإن أصابه خير اطمأن به وإن أصابته فتنة انقلب على وجهه خسر الدنيا والآخرة ذلك هو الخسران المبين ( 11 ) يدعوا من دون الله ما لا يضره وما لا ينفعه ذلك هو الضلال البعيد ( 12 ) يدعوا لمن ضره أقرب من نفعه لبئس المولى ولبئس العشير ( 13 )} في سبب نزول هذه الآيات أخرج البخاري عن ابن عباس قال: كان الرجل يقدم المدينة ،فإن ولدت امرأته غلاما ونتجت خيله قال: هذا دين صالح .وإن لم تلد امرأته ولم تنتج خيله قال: هذا دين سوء .وعن ابن عباس كلك قال: كان ناس من الأعراب يأتون النبي ( ص ) فيسلمون فإذا رجعوا إلى بلادهم فإن وجدوا عام غيث ،وعام خصب ،وعام ولاد حسن قالوا: إن ديننا هذا لصالح فتمسكوا به .وإن وجدوا عام جدوبة وعام ولاد سوء وعام قحط قالوا: ما في ديننا هذا خير ،فأنزل الله على نبيه ( ومن الناس من يعبد الله على حرف ) الآية{[3080]} وحرف كل شيء ،طرفه وشفيره وحده{[3081]} أي يعبد الله على شك واضطراب .أو على طرف من الدين لا في وسطه وقلبه فلا ثبات له فيه ،كالذي يكون على طرف الجيش فإن أحس بظفر ثبت واستقر ،وإلا تولى نافرا وأدبر .
قوله: ( فإن أصابه خير اطمأن به ) ذلك تبيين لعبادة الله على حرف .فشأن الذي يعبد الله على حرف ،أنه إن أصابته نعمة ورخاء وبسطة في العيش ،رضي واطمأن بدينه وقرّ عليه ( وإن أصابته فتنة انقلب على وجهه خسر الدنيا والآخرة ) أي إن أصابه بلاء من فساد الصحة ،وذهاب المال أو الولد أو غير ذلك من وجوه المصائب ؛فإنه ينتكس مرتدا ليعود في الكفر فيحبط عمله ويبوء بالخسران الأكبر وهو خُسران الدنيا بتعس الحظ وسوء الذكر وقبيح السيرة ،وخسران الآخرة حيث العقاب الأليم .