قال مجاهد ، وقتادة ، وغيرهما:( على حرف ):على شك .
وقال غيرهم:على طرف . ومنه حرف الجبل ، أي:طرفه ، أي:دخل في الدين على طرف ، فإن وجد ما يحبه استقر ، وإلا انشمر .
وقال البخاري:حدثنا إبراهيم بن الحارث ، حدثنا يحيى بن أبي بكير ، حدثنا إسرائيل ، عن أبي حصين ، عن سعيد بن جبير ، عن ابن عباس ( ومن الناس من يعبد الله على حرف ) قال:كان الرجل يقدم المدينة ، فإن ولدت امرأته غلاما ، ونتجت خيله ، قال:هذا دين صالح . وإن لم تلد امرأته ، ولم تنتج خيله قال:هذا دين سوء .
وقال ابن أبي حاتم:حدثنا علي بن الحسين ، حدثنا أحمد بن عبد الرحمن ، حدثني أبي ، عن أبيه ، عن أشعث بن إسحاق القمي ، عن جعفر بن أبي المغيرة ، عن سعيد بن جبير ، عن ابن عباس قال:كان ناس من الأعراب يأتون النبي صلى الله عليه وسلم فيسلمون ، فإذا رجعوا إلى بلادهم ، فإن وجدوا عام غيث وعام خصب وعام ولاد حسن ، قالوا:"إن ديننا هذا لصالح ، فتمسكوا به ". وإن وجدوا عام جدوبة وعام ولاد سوء وعام قحط ، قالوا:"ما في ديننا هذا خير ". فأنزل الله على نبيه:( ومن الناس من يعبد الله على حرف فإن أصابه خير اطمأن به وإن أصابته فتنة انقلب على وجهه ) .
وقال العوفي ، عن ابن عباس:كان أحدهم إذا قدم المدينة ، وهي أرض وبيئة ، فإن صح بها جسمه ، ونتجت فرسه مهرا حسنا ، وولدت امرأته غلاما رضي به واطمأن إليه ، وقال:"ما أصبت منذ كنت على ديني هذا إلا خيرا ". وإن أصابته فتنة - والفتنة:البلاء - أي:وإن أصابه وجع المدينة ، وولدت امرأته جارية ، وتأخرت عنه الصدقة ، أتاه الشيطان فقال:والله ما أصبت منذ كنت على دينك هذا إلا شرا . وذلك الفتنة .
وهكذا ذكر قتادة ، والضحاك ، وابن جريج ، وغير واحد من السلف ، في تفسير هذه الآية .
وقال عبد الرحمن بن زيد بن أسلم:هو المنافق ، إن صلحت له دنياه أقام على العبادة ، وإن فسدت عليه دنياه وتغيرت ، انقلب فلا يقيم على العبادة إلا لما صلح من دنياه ، فإن أصابته فتنة أو شدة أو اختبار أو ضيق ، ترك دينه ورجع إلى الكفر .
وقال مجاهد في قوله:( انقلب على وجهه ) أي:ارتد كافرا .
وقوله:( خسر الدنيا والآخرة ) أي:فلا هو حصل من الدنيا على شيء ، وأما الآخرة فقد كفر بالله العظيم ، فهو فيها في غاية الشقاء والإهانة; ولهذا قال:( ذلك هو الخسران المبين ) أي:هذه هي الخسارة العظيمة ، والصفقة الخاسرة .