قوله تعالى:{ولكل أمة جعلنا منسكا ليذكروا اسم الله على ما رزقهم من بهيمة الأنعام فإلهكم إله واحد فله أسلموا وبشر المخبتين ( 34 ) الذين إذا ذكر الله وجلت قلوبهم والصابرين على ما أصابهم والمقيمي الصلاة ومما رزقناهم ينفقون ( 35 )} المراد بالأمة هنا ،القوم المجتمعون على دين سماوي واحد ؛فقد جعل الله لكل أمة ذات دين ورسالة سماوية ( منسكا ) والمنسك ،بالفتح الذبح وإراقة الدم .وسميت الذبيحة نسيكة ،وجمعها نسك ونسائك .وقيل: المنسك الموضع الذي تذبح فيه النسك{[3113]} ،وقيل: النسك معناه العيد .
والقول الأول أظهر وهو الذبح وإراقة الدم ؛لدلالة السياق عليه وهو قوله سبحانه: ( ليذكروا اسم الله على ما رزقكم من بهيمة الأنعام ) أي يذكروا اسم الله دون غيره من الأسماء على ما رزقهم من الذبح .سواء في ذلك الهدي أو الأضحية .وبذلك إنما ينبغي في الذبيحة أن تكون خالصة لله سبحانه .
قوله: ( فإلهكم إله واحد ) أي معبودكم واحد لا شريك له .ودينكم أصله التوحيد الخالص لله ،المبرأ من كل وجوه الشرك والوثنية وإن تنوعت شرائعكم ونسخ بعضها بعضا لكنكم جميعا تدعون إلى عبادة الله الواحد ( فله أسلموا ) أي استسلموا لأمره وجلاله ،وانقادوا لشرعه خاضعين مذعنين مخلصين ( وبشر المخبتين ) أي الخاشعين الطائعين المتواضعين .ومن الخبت والإخبات .وهو الخشوع والتواضع{[3114]} أي بشرهم بأحسن الجزاء أو أجزل الثواب .