{وَلِكُلِّ أُمَّةٍ جَعَلْنَا مَنسَكًا لِيَذْكُرُوا اسْمَ اللَّهِ عَلَى مَا رَزَقَهُم مِّن بَهِيمَةِ الْأَنْعَامِ فَإِلَهُكُمْ إِلَهٌ وَاحِدٌ فَلَهُ أَسْلِمُوا وَبَشِّرِ الْمُخْبِتِينَ ( 34 ) الَّذِينَ إِذَا ذُكِرَ اللَّهُ وَجِلَتْ قُلُوبُهُمْ وَالصَّابِرِينَ عَلَى مَا أَصَابَهُمْ وَالْمُقِيمِي الصَّلَاةِ وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنفِقُونَ ( 35 )} .
/م34
التفسير:
34 - وَلِكُلِّ أُمَّةٍ جَعَلْنَا مَنسَكًا لِيَذْكُرُوا اسْمَ اللَّهِ عَلَى مَا رَزَقَهُم مِّن بَهِيمَةِ الْأَنْعَامِ .
الأمة: الجماعة على مذهب واحد .
المنسك: بكسر السين وفتحها ،والنسك في الأصل العبادة مطلقا ،وشاع استعماله في أعمال الحج ،والمراد به هنا: الذبح وإراقة الدماء على وجه التقرب إليه تعالى .
أسلموا: انقادوا له .
المخبتين: المطيعين الخاشعين المتواضعين .
أي: لكل أمة من الأمم من عهد إبراهيم إلى الآن ؛ولكل دين من الأديان السابقة ،جعلنا لأهله ذبحا يذبحونه تقربا إلى الله تعالى ،وذلك ليس خاصا بأمة محمد صلى الله عليه وآله وسلم ؛وإنما هو في كل الملل .والصحيح كما قال ابن العربي: أن المنسك ما يرجع إلى العبادة والتقرب ،أي: جعلنا لأهل كل ذي دين منسكا وسبيلا وطريقا في العبادة والتقرب إلى الله تعالى .
لِيَذْكُرُوا اسْمَ اللَّهِ عَلَى مَا رَزَقَهُم مِّن بَهِيمَةِ الْأَنْعَامِ .
أي: شرعنا لهم سنة ذبح الأنعام ؛لكي يذكروا اسم الله حين الشروع في ذبحها ؛ويشكروه على نعمه التي أنعم بها عليهم ،وينبغي أن يكون الذبح خالصا لوجهه تعالى .
قال ابن كثير:
يخبر تعالى أنه لم يزل ذبح المناسك وإراقة الدماء على اسم الله مشروعا في جميع الملل .
روى الإمام أحمد وابن ماجة ،عن زيد بن أرقم قال: قلت: يا رسول الله ،ما هذه الأضاحي ؟قال: ( سنة أبيكم إبراهيم ،قالوا: ما لنا منها ؟قال: بكل شعرة حسنة )xxii .
وفي الصحيحين عن أنس قال: أتى رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم بكبشين أملحين أقرنين ،فسمى وكبر ووضع رجله على صفاحهماxxiii .
فَإِلَهُكُمْ إِلَهٌ وَاحِدٌ فَلَهُ أَسْلِمُوا وَبَشِّرِ الْمُخْبِتِينَ .
فربكم أيها الناس ومعبودكم إله واحد في ذاته ،وفي ألوهيته ،فأخلصوا له العبادة واستسلموا لحكمه ،وانقادوا له في جميع ما كلفكم به .
وَبَشِّرِ الْمُخْبِتِينَ .
أي: بشر المتواضعين المطيعين بجنات النعيم .