{الْمُخْبِتِين}: الإخبات: الخضوع والطمأنينة ،وقوله:{وَبَشِّرِ الْمُخْبِتِينَ} فيه تلويح إلى أن من أسلم لله في حجه مخلصاً فهو من المخبتين ،وقد فسره بقوله:{الَّذِينَ إِذَا ذُكِرَ اللَّهُ وَجِلَتْ قُلُوبُهُمْ والصابرين عَلَى مَآ أَصَابَهُمْ وَالْمُقِيمي الصّلاةِ وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنفِقُونَ} كما يقول صاحب الميزان
{وَلِكُلِّ أُمَّةٍ} من الأمم السابقة{جَعَلْنَا مَنسَكًا} تتمثل فيه العبادة لله ،ويُقدم فيه القربان الإلهي ،وتذبح فيه الأنعام طاعة لله ..فقد شرّع الله ذلك في الأديان السابقة بطريقة قد تلتقي بتشريعات الإسلام ،وقد تختلف عنها لجهة خصوصيات المكان والزمان والتصرف ،لأن معاني العبادة الإيحائيّة تتنوع لجهة حركة الجسد في القيام والركوع والسجود ،وفي الإنفاق ،وفي الامتناع عن الطعام والشراب ،وفي ذبح الأنعام التي رزقهم الله إياها لمنافعها ،حيث يقومون بتقديمها إليه ،كرمز للشكر على هذه النعمة التي تقيم حياتهم وتقوّيهم ،أو كهديّةٍ رمزيّةٍ ،أمام طلباتهم التي يريدون منه الاستجابة لها ،أو ما إلى ذلك ،مما لا يبتعد عن مصلحة الإنسان في الانتفاع بها بعد ذلك ،{لِّيَذْكُرُواْ اسْمَ اللَّهِ عَلَى مَا رَزَقَهُمْ مِّن بَهِيمَةِ الأنعام} فعليهم أن يذبحوها لله ،لا للأصنام ،ويذكروا عليها اسمه ،دلالة على الإخلاص له ،{فَإِلَهُكُمْ إِلهٌ وَاحِدٌ} فلا تشركوا به شيئاً في العقيدة والعمل ،{فله أَسْلِمُواْ} أمركم كله في الكلمة والممارسة ،في ما يعنيه الإسلام هنا من الخضوع والانقياد والاستسلام لكل أوامر الله ونواهيه .
{وَبَشِّرِ الْمُخْبِتِينَ} الخاشعين لله المتواضعين له ،المنفتحين على عظمته ،