قوله تعالى:{ألم تر إلى ربك كيف مد الظل ولو شاء لجعله ساكنا ثم جعلنا الشمس عليه دليلا ( 45 ) ثم قبضناه إلينا قبضا يسيرا ( 46 ) وهو الذي جعل لكم الليل لباسا والنوم سباتا وجعل النهار نشورا ( 47 )} هذه جملة من الدلائل الواضحة التي تكشف عن قدرة الصانع وعن بالغ حكمته وتدبيره للكون والكائنات .فقال سبحانه: ( ألم تر إلى ربك ) يعني ألم تنظر إلى صنع ربك وقدرته ( كيف مد الظل ) المراد بالظل في قول الجمهور: ما كان من طلوع الفجر إلى طلوع الشمس .وفي هذه الفترة الوادعة من الزمان يبسط الله الظل على الأرض ليثير فيها من نداوة الرحمة وطيب الأجواء الرخيّة الغامرة ما ينشر في الحياة السعادة ،ويثير في القلوب البهجة والاستئناس .وهو يشبه ظل الجنة ؛فهو ظل ممدود لا شمس فيه ولا ظلام .
قوله: ( ولو شاء لجعله ساكنا ) أي لجعل الظل دائما لا يزول ولا تذهبه الشمس كما قال ابن عباس .أو لا تصيبه الشمس ولا يزول ،أو لتركه ظلا كما هو على الدوام .وهي أقوال متقاربة تبين قدرة الصانع الحكيم في الخلق .
قوله: ( ثم جعلنا الشمس عليه دليلا ) أي جعل الله الشمس دليلا على الظل ؛فإن الظل إنما يُعرف بالشمس ولولا الشمس لما عرف الظل .وذلك أن الأشياء تعرف بأضدادها .فإذا طلعت الشمس دلت على زوال الظل الذي يأخذ في النقصان بطلوع الشمس .