قوله: ( أم تحسب أن أكثرهم يسمعون أو يعقلون ) ( أم ) ،المنقطعة بمعنى بل والهمزة ؛أي بل أتحسب أن أكثرهم يسمعون الحق أو يعقلون البينات والحجج فيرشدون ويهتدون .وذلك أشده مذمة من المذمة التي تقدمت حتى حقت بالإضراب عنها إليها وهي كونهم مسلوبي الأسماء والعقول ؛فهم بذلك كالأنعام في عدم الاستفادة من السمع والعقل ،بل إنهم أشد ضلالة من الأنعام ؛لأن هذه تنقاد لمن يتعهدها وتدرك بغريزتها وطبيعتها من يحسن إليها ،ممن يسيء إليها ،وتطلب ما ينفعها وتتجنب ما يضرها ،فضلا عن أنها تسبح ربها .أم هؤلاء الضالون الذين يعبدون أهواءهم ؛فإنهم جاحدون لأنعم الله عليهم ،منكرون لفضله وإحسانه إليهم ،وإنما يركضون جامحين خلف الشيطان من الإنس والجن يبتغون إرضاءه ويسلكون وراءه مسالك الضلال والباطل .
وبذلك كان المجرمون من المشركين والضالين والظالمين أشد من الأنعام ضلالا .وهو قوله: ( بل هم أضل سبيلا ){[3328]} .