فشبه أكثر الناس بالأنعام ، والجامع بين النوعين التساوي في عدم قبول الهدى والانقياد له ، وجعل الأكثرين أضل سبيلا من الأنعام ، لأن البهيمة يهديها سائقها فتهتدي ، وتتبع الطريق فلا تحيد عنها يمينا ولا شمالا . والأكثرون يدعوهم الرسل ويهدونهم السبيل فلا يستجيبون ، ولا يهتدون ولا يفرقون بين ما يضرهم وبين ما ينفعهم .
والأنعام تفرق بين ما يضرها من النبات والطريق فتتجنبه ، وما ينفعها فتؤثره والله تعالى لم يخلق للأنعام قلوبا تعقل بها ، ولا ألسنة تنطق بها ، وأعطى ذلك لهؤلاء ، ثم لم ينتفعوا بما جعل لهم من العقول والقلوب والألسنة والأسماع والأبصار . فهم أضل من البهائم . فإن من لا يهتدي إلى الرشد وإلى الطريق مع الدليل إليه أضل وأسوأ حالا ممن لا يهتدي حيث لا دليل معه .