وأخيراً فإنّ الجواب القرآني الثّالث لهذه الفئة الضالة ،هو قوله: ( أم تحسب أن أكثرهم يسمعون أو يعقلون ،إن هم إلاّ كالأنعام بل هم أضلُّ سبيلا ) .
يعني لا يؤذينك استهزاؤهم ومقولاتهم السيئة وغير المنطقية أبداً ،لأنّ الإنسان إمّا أن يكون ذا عقل ،ويستخدم عقله ،فيكون مصداقاً ل «يعقلون » .
أو أنّه فاقد للعلم ولكنّه يسمع قول العلماء ،فيكون مصداقاً ل «يسمعون » ،لكن هذه الفئة لا من أُولئك ولا من هؤلاء ،وعلى هذا فلا فرق بينهم وبين الأنعام .وواضح أنّه لا يتوقع من الأنعام غير الصياح والرفس والأفعال اللامنطقية .بل هم أتعس من الأنعام وأعجز ،إذ أن الأنعام لا تعقل ولا فكر لها ،وهؤلاء لهم عقل وفكر ،وتسافلوا إلى حال كهذه .
المهم هو أنّ القرآن يعبّر ب «أكثرهم » هنا أيضاً ،فلا يعمم هذا الحكم على الجميع ،لأنّه قد يكون بينهم أفراد مخدوعون واقعاً ،وحينما يواجهون الحق تنكشف عن أعينهم الحجب تدريجياً ،فيتقبلوا الحق ،وهذا نفسه دليل على أن القرآن يراعي الإنصاف في المباحث القرآنية .
/خ44