قوله:{فلا تطع الكافرين وجاهدهم به جهادا كبيرا} يحذر الله نبيه محمدا ( ص ) من طاعة المشركين فيما يدعونه إليه من موافقتهم ومداهنتهم ؛فإنهم كانوا قد استمعوا إليه ورغبوا منه في أن يرجع إلى دين الآباء والأجداد وله في مقابلة ذلك أن يملكوه عليهم ،وأن يجمعوا له المال فيكون أعظمهم مالا .فنهاه الله تعالى عن طاعتهم وحذره الجنوح إلى قولهم ؛فإنه على الحق المبين ،واليقين الناصع المستقيم .أما هم فإنهم على الباطل والضلالة والتخمين .ثم أمره ربه أن يجهادهم به جهادا كبيرا ؛أي يجاهدهم بالقرآن وما حواه من ظواهر شتى في الإعجاز على تعدد صوره وضروبه ،أو يجاهدهم بالإسلام فيبين لهم صلوح هذا الدين الكامل الشامل .الدين الذي تترسخ فيه قواعد الخير والعدل والرحمة للبشرية لتمضي في حياتها سالمة آمنة مطمئنة تفيض فيها الرحمة والمودة والإخاء ،وتجللها المهابة ووحدة الكلمة والصف والأوطان .وهذه مجاهدة عظيمة يكبر حملها والاضطلاع بها لما يجده المجاهدون في سبيل الله ومن أجل دعوة الإسلام وإعلاء راية القرآن ،من المعوقات والمصاعب على الطريق .المصاعب التي يزرعها خصوم الحق وأعداء الإسلام ،وهم كثيرون منتشرون في كل بقاع الدنيا .