{فَلاَ تُطِعِ الْكَافِرِينَ} الذين يريدون لك الانسحاب من ساحة الدعوة إلى توحيد الله ،وإلى مواجهة الوثنية في أصنامها وفي تقاليدها وفي شرائعها ،لتحصل على رضاهم ،فإنهم لا يريدون لك ،وللناس كلهم ،خيراً من ذلك كله ،بل يريدون الشر كله عبر انحرافهم عن خط الإيمان بالله وبوحدانيته ،ودعوتهم إلى الالتزام بالخط المنحرف في العقيدة والشريعة والسلوك ،فلا تطعهم ،وأطع الله في كل ما أمرك به أو نهاك عنه ،وأراده لك من حمل رسالته وإبلاغها إلى الناس كافة ،ومجاهدة كل من يقف في مواجهتها ،ليكون الحاجز الذي يحول بين الناس وبين سماع كلمة الله .
{وَجَاهِدْهُمْ بِهِ جِهَاداً كَبيراً} فليكن القرآن بمفاهيمه الحقة ،ووسائله القوية الدامغة ،وأساليبه المتنوعة ،هو القوّة التي توجهها إلى مفاهيمهم الزائفة ،وخططهم الضالة ،وأفكارهم المنحرفة ،وذلك هو الخط الذي يجب على الدعاة إلى الله حمله ،في مواجهتهم للكفر كله ،وللشرك كله ،وهو خط الجهاد بالكلمة والحركة والممارسة على مستوى الفكرة والحياة ،وبكل الوسائل التي تمثل الصدمة القويّة في ساحة الصراع .
وتعود الآيات من جديد لتثير أمام الوعي الفكري للإنسان ،مظاهر قدرة الله في الكون ،لينفتح على عظمة الله ،فيقوده ذلك إلى الإِذعان بتوحيده ،عندما يدخل في مقارنةٍ دقيقةٍ ،بين ما هو الله في قدرته ،وما هو الإنسان في عجزه ،وما هي الأصنام في جمودها وحقارتها .