{ فَلَا تُطِعِ الْكَافِرِينَ} أي فقابل ذلك بالثبات والاجتهاد في الدعوة وإظهار الحق والتشدد والتصبر .ولا تطعهم فيما يريدونك عليه .وأراد بهذا النهي ،تهييجه وتهييج المؤمنين ،وتحريكهم .أي إثارة غيرته وغيرتهم .وإلا فإطاعته لهم غير متصورة .
وقال أبو السعود:كأنه نهي له ،عليه الصلاة والسلام ،عن المداراة معهم ،والتلطف معهم .أي لأن في ذلك إضعافا للحق وتغشية عليه ،وطول أمد في سريانه .ولذا قال:{ وَجَاهِدْهُم بِهِ} أي بالقرآن وما نزل إليك من الحق{ جِهَادًا كَبِيرًا} أي لا يخالطه فتور ،بأن تلزمهم بالحج والآيات ،وتدعوهم إلى النظر في سائر الآنات ،لتتزلزل عقائدهم ،وتسمج في أعينهم عوائدهم .وهذه الآية من أصرح الأدلة في وجوب مجادلة المبطلين ،ودعوتهم إلى الحق بقوة ،والتفنن في محاجتهم بأفانين الأدلة .فإن الحق يتضح بالأدلة .كما أن الشهور تشتهر بالأهلة .