قوله تعالى:{قَالَ لَئِنِ اتَّخَذْتَ إِلَهًا غَيْرِي لأجْعَلَنَّكَ مِنَ الْمَسْجُونِينَ ( 29 ) قَالَ أَوَلَوْ جِئْتُكَ بِشَيْءٍ مُّبِينٍ ( 30 ) قَالَ فَأْتِ بِهِ إِن كُنتَ مِنَ الصَّادِقِينَ ( 31 ) فَأَلْقَى عَصَاهُ فَإِذَا هِيَ ثُعْبَانٌ مُّبِينٌ ) 32 ) وَنَزَعَ يَدَهُ فَإِذَا هِيَ بَيْضَاء لِلنَّاظِرِينَ ( 33 ) قَالَ لِلْمَلا حَوْلَهُ إِنَّ هَذَا لَسَاحِرٌ عَلِيمٌ ( 34 ) يُرِيدُ أَن يُخْرِجَكُم مِّنْ أَرْضِكُم بِسِحْرِهِ فَمَاذَا تَأْمُرُونَ ( 35 ) قَالُوا أَرْجِهِ وَأَخَاهُ وَابْعَثْ فِي الْمَدَائِنِ حَاشِرِينَ ( 36 ) يَأْتُوكَ بِكُلِّ سَحَّارٍ عَلِيمٍ}
قامت الحجة على الظالم المتجبّر ،حتى انقطع في باب الدليل والبرهان ،فجنح بظلمه وطغيانه إلى أسلوب البطش والتنكيل كالحبس أو القتل أو التعذيب .وهذا هو ديدن الطغاة والمستبدين في كل زمان .أولئك الذين يسوسون الناس بالظلم والتسلط الغاشم ،وهم ليس لهم في سلطانهم وحكمهم أيما حجة من منطق أو برهان إلا التعسف والعدوان ؛إنهم حينئذ لا يواجهون خصومهم بالاحتجاج أو الدليل إنما يواجهونهم بالشدة والتنكيل والتقتيل .وفي طليعة هؤلاء جميعا ذلكم الطاغية الكنود ،فرعون ؛فقد غابت عن ذهنه وخياله كل ظواهر المنطق والاحتجاج فبادر إلى العسف والتهديد .فقد توعد موسى لئن اتخذ إلها آخر غيره لسوف يسجننه .فأجابه موسى عليه السلام في ثقة بالله ويقين ،وفي عزيمة شامخة راسخة لا تتزعزع{أَوَلَوْ جِئْتُكَ بِشَيْءٍ مُّبِينٍ} .